لم تُنشر أبداً

"الله أكبر.. لقد دمّرت المقاومة الدّبابات الإسرائيليّة.. أسرعوا لتشاهدوا"، صرخ رجل كان يتابع الأخبار، وهو ينظر إلى الصحافيّة المقهورة. ركض الأطفال وتبعهم أهلهم إلى ناحية التلفاز.

ارتابت عيون بعض النازحين من جنوب لبنان، من الصحافيّة الأجنبيّة التي دخلت للتوّ إلى المدرسة التي أقاموا فيها في بيروت.

"خير يا طير"، همس شيخ عجوز، دلّت شيبته على أنّه عجن الحياة وخبزها. بدأت بالتقاط الصور. تجمّع الأطفال لمشهد وجدوا فيه بعض الترفيه الذي فقدوه منذ بداية الحرب. ألا يكفيهم أنّهم يعيشون في مدرسة ليلاً ونهاراً؟ أخرجت من جيبها آلة التسجيل: "هل تخافون من الحرب يا أطفال؟".

بدت لهجتها العربية ثقيلة، ولكن يبدو أنّها بذلت جهداً في تعلّمها.

"لا لسنا خائفين"، هتف بعض الصّبية المتحمّسين.

لفتت نظرها طفلة واقفة في الخلف، لم تنس أن تهرّب معها دميتها المفضّلة من تحت القصف، "وماذا عنك؟ ألست خائفة؟".

حرّكت الطفلة رأسها للأعلى.

"لكن يجب أن تخافوا فهذه حرب مخيفة، ويجب أن تقولوا لأهلكم أنكم لا تريدون من يسبّب لكم الحرب بينكم. أليس كذلك؟"، سألت وهي تنظر مجدداً إلى الطفلة، لعلّها تحثّها على موافقتها ولو بهزّة رأس.

"قالت لك إنها ليست خائفة.. ألم تسمعي؟"، جاء صوت والدة الطفلة من خلف الصحافية حازماً وغاضباً. التفتت الصحافيّة، ابتسمت للمرأة ثمّ سألت بدهاء: "ألا تخافين على زوجك وأطفالك وابنتك الجميلة هذه؟".

"نعم، بالطبع أخاف عليهم"

"هذا ما أقوله بالتحديد. كلّنا نخاف الحرب ونرفضها. من برأيك سبب هذه الحرب؟"

"هل أنت حقّاً صحافيّة؟"، فاجأها صوت من خلفها أيضاً. التفتت فرأت شاباً قوياً عقد ساعديه الضخمين على صدره، فظهر فوق عضلاته وشم لسيف بشفرتين.

"بالطبع أنا صحافيّة من جريدة التايــــــ...."

"لا يهمني الجريدة. ألست ذكية كفاية لتعلمي من سبب الحرب. أنظري هذه طائرة جديدة في السّماء"، أشار بإصبعه إلى خيط دخان خلّفته طائرة حربيّة إسرائيليّة لها هدير مدوّ. ابتسمت الصحافيّة محاولةً إخفاء انزعاجها.

"أنتم مجانين.. وماذا ستفعلون عندما ينفد سلاح محاربيكم. لماذا لا تقولون لهم أن يستسلموا لتعيشوا؟"

"عندها سنقاتل العدوّ بهذه.."، التفتت من جديد وبدا أن بصرها زاغ، ارتسمت هرمونات التوتر على وجهها أكثر من حمرتها ومكياجها. شعرت أنّها محاصرة. هذه المرة كان الشيخ المهيب يحمل عصاه - التي يتكئ عليها - بيد ويضرب بها على اليد الأخرى.

"ستقاتلون بالعصا؟" قهقهت الصحافية بمكر، "صدقوني الصواريخ لا تفعل شيئاً.. فهل ستفعل العصا؟"

"الله أكبر.. لقد دمّرت المقاومة الدّبابات الإسرائيليّة.. أسرعوا لتشاهدوا"، صرخ رجل كان يتابع الأخبار، وهو ينظر إلى الصحافيّة المقهورة. ركض الأطفال وتبعهم أهلهم إلى ناحية التلفاز.

وضعت الصحافيّة آلة التّسجيل في جيبها. احتارت ماذا تفعل. أخرجت الكاميرا مجدداً لكي تخفي فشل مهمتها.

"صورة أخيرة وهم يشاهدون التلفاز. سأكتب تحتها أي تعليق"، حدّثت نفسها.

"لحظة واحدة"، أربكها صوت العجوز يصرخ عليها. شاهدته يقف وسط الجمع، ويرفع عصاه إلى الأعلى ممسكاً بها من وسطها، وإشارة النّصر بيده الأخرى. فقلّده الكبار والصغار.

ضغطت الصحافيّة على زر التّصوير، والتقطت صورة واضحة ونقية ومتقنة وصادقة، لكنّها لم تنشر أبداً.. في صحيفتها.

 

 

ماذا بعد الانتخابات الأمريكية.. تصعيد أم وقف لإطلاق النار في لبنان؟

 

 

في ظل المشهد الراهن للحرب في لبنان وقبيل الانتخابات الأمريكية، يبدو أن العدو الإسرائيلي في حاجة مُلحّة إلى وقف إطلاق النار بعد انتهاء هذه الانتخابات و اعلان نتيجتها النهائية ومهما كانت نتيجتها!

فبعد أسابيع من التصعيد العسكري، وصل العدو الاسرائيلي إلى أقصى ما يمكن تحقيقه في حملته العسكرية، إذ استنفذ بنك الأهداف العسكرية لحزب الله والمقاومة في لبنان ووصولا الى سوريا حتى باتت الضربات تستهدف المدنيين والمباني والمؤسسات الطبية والإغاثية والفرق الاسعافية. ولعل أفضل ما حققه العدو حتى الآن، من وجهة نظره، هو اغتيال القيادات وتدمير بعض مقدرات المقاومة، ونقول "بعض المقدرات" إذ انه بعد آلاف الغارات وكل الاغتيالات، المقاومة مستمرة في عملياتها ورماياتها بشكل تصاعي كماً ونوعاً وعمقاً وبوتيرة متسارعة.

ورغم ما بذله العدو الاسرائيلي من جهد لوقف إطلاق الصواريخ على شمال الأراضي المحتلة، وإطلاق المسيرات إلا أنه فشل فشلًا ذريعًا في ذلك. حتى أنه لم تتمكن من إعادة السكان الذين تهجروا، بل وسّع حزب الله دائرة الاستهداف بنار الصواريخ والمسيرات وزادت حدّة التهجير والمقاومة ماضية في ذلك وفي الزيادة في نوعية الأهداف المستهدفة وكان ذلك جليا في الأيام العشر الأخيرة.

في الميدان وعلى أرض الواقع، يبدو، لا بل حتماً، بأن قدرات العدو العسكرية عاجزة عن تحقيق أي تقدم ملموس في ظل ضربات متتالية للقوات الغازية بالتوازي مع الفشل في تحقيق أي تقدم وعلى رأي نائب حزب الله حسن فضل الله " اقصف، دمر، ادخل، تصور اهرب"، كذلك فإن رهان العدو على خلق فتنة داخلية في لبنان أو تأليب بيئة المقاومة لن ينجح وهو في غير محله لاسيما مع عدم تحقيقه أي تقدم ميداني رغم محاولات اظهار عكس ذلك إعلاميا ولكن أهل الخبرة العسكرية يعرفون أن عدم تثبيت العدو لنقاط تقدم برية يعني انه في حالة كر وفر وبالتالي لم ينجح في إيجاد موطئ قدم ثابته ، لا بل تقوم المقاومة ببتر اطراف جنود العدو المتقدمين.

ومع مرور الوقت، يبدو أن العدو يعاني من أزمة داخلية تتفاقم بسبب تأثيرات الحرب، إضافة إلى نجاح المقاومة في الصمود لا بل تحويل الكفة بين أول أيام الحرب من تفجير البايجرات والاغتيالات وكثافة الغارات والتهجير الى صمود في البر واستهدافات متسارعة وعمليات مهمة، وبالرغم من التعتيم الإعلامي للعدو على حجم الأضرار التي تلحق بالداخل المحتل عسكريًا واقتصاديًا وتعليميًا، مما يزيد من ضغط المستوطنين في الشمال لا بل في كل فلسطين المحتلة ويؤجج القلق لديهم تجاه استمرار هذه الحملة العسكرية مما سيصعد الموقف في وجه حكومة النتن نتنياهو.

أما بالنسبة للولايات المتحدة، فقد أصبحت غير قادرة على الاستمرار في تقديم الدعم المطلق لإسرائيل (الكيان المؤقت)، حيث تم اختيار الوقت المناسب لبدء حرب موسعة على لبنان قبل الانتخابات الأمريكية بنحو شهرين، اعتقادًا من المعنيين والأمنيين في الكيان وفي الولايات المتحدة أن هذه المدة كافية لتحقيق الأهداف الاستراتيجية، والتي تتضمن القضاء على المقاومة وإعادة تشكيل النظام اللبناني بما يحقق مصالح الولايات المتحدة والعدو الاسرائيلي ويضمن وصول رئيس جمهورية لبناني بنكهة مطبع وحكومة لبنانية مضمون سيرها في التطبيع. لكن حساباتهم فشلت، وهذا الخيار لم يحقق نتائجه المرجوة، مما يدفع العدو الإسرائيلي الآن إلى البحث عن حلول دبلوماسية لوقف لإطلاق النار بالرغم من كل هذه التصريحات الإعلامية والسقف العالي.

وفي النهاية كله مرهون بالميدان وبمفاجآت الميدان في كل الاتجاهات والأكيد في كل الامر أن هذا الكيان هو كيان مؤقت وأن أصحاب الأرض منتصرون بفضل التضحيات التي يبذلها المجاهدون والصامدون والنازحون والصابرون في كل الميادين والأماكن.

 

 رئيس مجموعة البـازوريـة الإعلامـيـة، الدكتور مـهـدي عـبـد الكـريـم قـرعـونـي

 

 

أهداف التلويح الأميركي بالقنابل الخارقة للتحصينات ومآلاته

الغارة الأميركية على اليمن كانت بمنزلة اختبار عملي للقدرات الأميركية على تنفيذ ضربات جوية على أهداف عميقة تحت الأرض، ويرجح أن تشهد الترسانة الأميركية من هذه القنابل تطوراً متسارعاً خلال المدى المنظور.

في ظلال المشهد المتفاقم في الشرق الأوسط، جاء الإعلان الأميركي المفاجئ في السادس عشر من تشرين الأول/أكتوبر، عن تنفيذ ضربات جوية في اليمن، ومنبع المفاجأة هنا كان في استخدام إحدى أكثر قاذفات القنابل الإستراتيجية الأميركية تكلفة على مستوى التشغيل والصيانة، ألا وهي قاذفات "B-2" الإستراتيجية الشبحية، عوضاً عن الاستخدام المعتاد لمقاتلات أف-15 وأف-35، وهو ما أثار سلسلة من علامات الاستفهام حول دواعي استخدام هذه القاذفات الإستراتيجية في مثل هذا التوقيت، خصوصاً أن هذه الخطوة قد تلتها خطوة مماثلة منذ أيام، ترتبط بقرار البنتاغون الأميركي، إرسال نحو 12 قاذفة استراتيجية من نوع "B-52" نحو الشرق الأوسط، لتتمركز بشكل مؤقت.

في ما يتعلق بالضربة الجوية على اليمن، استُخدم في هذه الضربة عدد غير محدد من قاذفات هذا النوع، أقلعت من قاعدة "وايتمان" الجوية في ولاية ميسوري الأميركية، وتنتمي إما إلى جناح القصف الجوي 509، أو جناح القصف الجوي 131، وقد نفذت هذه المقاتلات، ضربات جوية على خمسة مواقع في غرب اليمن. حينها، ظهرت تحليلات عديدة تنظر إلى هذه الخطوة على أنها تأكيد لامتلاك واشنطن القدرة على تنفيذ هجمات عند الضرورة، في أي وقت وفي أي مكان، وهي في ذلك تستهدف بشكل أساس توجيه رسائل إلى طهران، التي تخوض حالياً غمار مواجهة تصاعدية مع "تل أبيب"، عنوانها "تبادل الضربات الصاروخية والجوية منضبطة القوة".

القنابل الخارقة للتحصينات تظهر مرة أخرى

هذا الحدث يبدو لافتاً لعدة أسباب، منها عدم وجود سبب "وجيه" لاستخدام وسائط جوية مكلفة في تنفيذ عملية من المفترض أنها لا ترتبط بحرب فعلية أو مواجهة مع جيش نظامي مسلح بأنظمة دفاع جوي متقدمة، بجانب أن هذه الضربة تمت عملياً من دون إخطار الكونغرس الأميركي، والنقطة الأهم هنا ترتبط بأن بيان وزارة الدفاع الأميركية حول هذه الضربة، حمل بعض التعبيرات اللافتة، أهمها أن عمليات القصف استهدفت "مخازن تحت الأرض للأسلحة والصواريخ بغض النظر عن مدى عمقها تحت الأرض أو تحصينها"، وهو ما فتح الباب واسعاً أمام تساؤلات تبدو منطقية حول نوع الذخائر التي تم استخدامها في هذه الضربة، والتي بالقطع لم تكن ذخائر اعتيادية وإلا لم يكن هناك داع لاستخدام قاذفات مكلفة وذات طبيعة خاصة مثل قاذفات "B-2".

لم تصرح وزارة الدفاع الأميركية بشكل واضح بنوعية الذخائر التي تم استخدامها، رغم أن تصريحات غير رسمية صدرت في بعض وسائل الإعلام الأميركية، ومنها مجلة سلاح الجو الأميركي، رجحت أن الذخيرة التي تم استخدامها هي ذخائر الهجوم المشترك"GBU-31"، المزودة برؤوس حربية خارقة للأرض من نوع "BLU-109"، لكن طبيعة مواقع الأهداف التي قامت هذه القاذفات باستهدافها، وتركيز بيان البنتاغون على أنها أهداف "تحت الأرض"، رجحت بشكل شبه أكيد أن الذخائر التي تم استخدامها في هذه الضربة، هي ذخائر "خارقة للتحصينات" أكثر تخصصاً ونوعية، وتحديداً الجيل الأحدث من القنابل الاختراقية في الترسانة الأميركية، وهي قنبلة "GBU-57A/B"، المعروفة اختصاراً باسم "MOP"، وهي تعدّ عملياً أثقل قنبلة تقليدية تمتلكها واشنطن، وتستطيع قاذفات "B-2" حمل اثنتين منها، علماً أن هذا النوع من القاذفات هو الوحيد حالياً المؤهل لحمل هذا النوع من القنابل الثقيلة، والتي تعدّ امتداداً لأجيال سابقة من القنابل الأميركية الخارقة للتحصينات.

بشكل عام، تمتلك القنابل الخارقة للتحصينات القدرة على تأخير انفجارها بعد اختراق طبقات من الأرض أو الخرسانة، ومع تطور التقنيات المستخدمة في هذه القنابل، أصبحت هناك آليات دقيقة تستطيع تأخير انفجار الشحنة الرئيسية في هذه القنابل، إلى أن يتم تحقيق مدى اختراق معين تحت الأرض. وعلى الرغم من أن أول ذخائر مخصصة لاختراق الأرض، قد تم استخدامها خلال الحرب العالمية الثانية من قبل الجيش البريطاني، فإن أول قنبلة جوية متخصصة في اختراق التحصينات الموجودة تحت الأرض، ظهرت للمرة الأولى ميدانياً خلال عملية "عاصفة الصحراء"، وهي القنبلة الموجهة بالليزر "GBU-28"، ذات القدرة على اختراق سطح الأرض حتى 6 أمتار، وتم إسقاط قنبلتين منها على الأقل، في مواقع بالعاصمة العراقية بغداد، بهدف تدمير مواقع كان يشتبه في وجود الرئيس العراقي الراحل صدام حسين فيها، علماً أن هذه العملية شهدت أيضاً استخدام قنبلة أخرى لاختراق التحصينات تحت- أرضية، وهي القنبلة "BLU-109" التي امتلكت قدرة محدودة على اختراق الأرض، بعمق يبلغ 1.8 متر فقط.

جدير بالذكر أن قنابل "GBU-28"، قد دخلت مطلع القرن الحالي في تسليح سلاح الجو الإسرائيلي، واستخدمها منذ ذلك التوقيت في غاراته التي نفذها في لبنان - خلال حرب عام 2006 - وفي قطاع غزة على مدار السنوات اللاحقة، وقد طورت واشنطن في الفترة التي تلت حرب الخليج الثانية، سلسلة من القنابل الجوية والصواريخ الجوالة المطلقة من الجو، ذات القدرة على اختراق سطح الأرض، على أعماق تتراوح بين 1.20 متر - مثل الصاروخ الجوال المطلق جواً "AGM-84H" - وصولاً إلى الجيل الأحدث من قنابل "GBU-28" المسمى "GBU-28C/B"، التي تستطيع اختراق سطح الأرض بعمق يصل إلى 7.20 متر، علماً أن سلاح الجو الأميركي توسع في عمليات تطوير هذه الفئة من القنابل، لتشمل أيضاً القنابل النووية، حيث أجرى في تشرين الثاني/نوفمبر 2015، اختباراً للقنبلة النووية الخارقة للتحصينات "B61-12".

مرحلة جديدة في تطوير القنابل المخترقة للأرض

كان للغزو الأميركي للعراق عام 2003 دور أساسي في نقل عمليات التطوير الأميركية للقنابل الاختراقية، إلى مرحلة جديدة كلياً، فقد أظهرت التجربة العملية خلال الغارات الجوية على المواقع العراقية، أن عدداً معتبراً من المخابئ الموجودة تحت الأرض على أعماق تتجاوز 10 أمتار، لم تتعرض لاختراقات كافية ولم يلحق بها التدمير الكلي المنشود، لذا عملت شركة "بوينغ" بالتعاون مع سلاح الجو الأميركي، على تطوير قنبلة ثقيلة خارقة للتحصينات، تسمح بتحقيق اختراقات أكبر بكثير مما كانت تسمح به القنابل والصواريخ الجوالة الموجودة في الترسانة الأميركية.

هذه الجهود أدت إلى تطوير قنبلة "GBU-57A/B"، التي تم اختبارها للمرة الأولى في مارس/آذار 2007، وبدأت القوات الجوية الأميركية في تسلم هذه القنبلة بشكل رسمي عام 2011، حيث تسلمت ما مجموعه 20 قنبلة من هذا النوع، علماً أنه في عام 2012، تم رصد أكثر من 80 مليون دولار، لإجراء عمليات تطوير وتحسين لهذه القنبلة، لتصبح قادرة على تحقيق اختراقات أكبر في سطح الأرض. يبلغ وزن النسخة الحالية من هذه القنبلة - التي يتم توجيهها بعد الإطلاق عن طريق القصور الذاتي المعزز بنظام تحديد المواقع العالمي - نحو 14 طناً، وتحمل رأساً حربياً تبلغ زنته 2500 كيلو غرام من المتفجرات المصممة لاختراق الأهداف، وتستطيع تحقيق اختراق في سطح الأرض، يتراوح عمقه بين 40 و60 متراً، حسب نوع الخرسانة المسلحة المستخدمة في تدعيم الهدف المراد تدميره، وهي بذلك تصبح أكبر قنبلة أميركية من حيث القدرة على اختراق سطح الأرض، مع ملاحظة أن القنبلة النووية الاختراقية "B61-12"، لا توجد معلومات موثقة عن عمق الاختراق الذي تستطيع التسبب به في سطح الأرض.

من النقاط اللافتة حول قنبلة "GBU-57A/B"، أن الولايات المتحدة قد سربت بشكل متعمّد في مناسبتين على الأقل، صوراً لها أثناء إدخالها الخدمة في القوات الجوية الأميركية، كانت المرة الأولى عام 2019، وخلالها نشر الجيش الأميركي تسجيلاً مصوراً لعملية إطلاق قنبلتين من هذا النوع، من على متن قاذفة من نوع "B-2"، أما المناسبة الثانية فكانت في نيسان/أبريل الماضي، وظهرت خلالها صورة واضحة لهذه القنبلة في قاعدة "وايتمان" الجوية في ولاية "ميسوري"، مرفقة بتعليق يفيد بأن القاعدة تلقت قنبلتين من هذا النوع لاختبار أدائها. جدير بالذكر هنا أن مصنع الذخائر الجوية التابع للجيش الأميركي في مدينة "مكاليستر" في ولاية "أوكلاهوما"، قد أعلن في أيار/مايو الماضي، أنه يعمل على توسيع قدراته التصنيعية لإنتاج مزيد من قنابل هذا النوع، بحيث تزيد من معدل إنتاج يبلغ قنبلتين فقط في الشهر، إلى إنتاج ما بين 6 إلى 8 قنابل شهرياً.

رسائل أميركية إلى طهران وبيونغ يانغ وبكين

بالعودة إلى الغارات الجوية الأميركية على اليمن، وبالنظر إلى التجربة السابقة التي استخدم فيها سلاح الجو الأميركي قاذفات "B-2"، لتنفيذ عمليات جوية ضد تنظيم "داعش" في مدينة سرت في كانون الثاني/يناير 2017، يمكن القول إن استخدام هذا النوع من القاذفات، ينطوي في جانب منه على أهداف "دعائية" ونفسية ترتبط بمحاولة واشنطن تأكيد امتلاكها القدرات بعيدة المدى الأكبر والأهم عالمياً على المستوى الجوي، وهذا ربما يظهر بشكل أو بآخر في ضربة سرت. أما ضربة اليمن، فتبدو بالنظر إلى السياق الإقليمي والدولي الحالي، أقرب ما تكون إلى رسالة ميدانية إلى كل من الصين وكوريا الشمالية وإيران.

فالدول الثلاث تعمل على المستوى الميداني منذ سنوات، لتأسيس بنية تحتية عسكرية تحت الأرض، سواء إيران التي كشفت مطلع عام 2023، عن قاعدة جوية تحت الأرض تحت اسم "أوغاب-44"، تقع شمال شرق مدينة بندر عباس، بجانب أنها أعلنت خلال مناسبات سابقة عن قواعد تحت أرضية للصواريخ، أو الصين التي تحتفظ بعشرات منصات الإطلاق تحت أرضية الخاصة بـصواريخها العابرة للقارات، أو كوريا الشمالية التي توسعت خلال السنوات الأخيرة في إنشاء المرافق العسكرية على أعماق كبيرة.

وعلى الرغم من أنه لم يتأكد بشكل يقيني ما إذا كانت الغارة السالف ذكرها على اليمن، قد شهدت استخدام قنابل "GBU-57A/B"، فإن الاحتمال الآخر المتعلق باستخدام "GBU-31" في هذه الغارة، يجعل من هذه العملية، محاولة لاختبار مدى قدرة الذخائر الأميركية على تحقيق اختراقات في المواقع التحت أرضية التابعة لجماعة أنصار الله، وفي حالة استخدام هذا النوع الأخير، يرجح أن يكون هذا الاستخدام قد تم عبر إطلاق عدة قنابل بشكل متتابع على النقطة الهدفية نفسها، بحيث تقوم كل قنبلة بتنفيذ اختراقها للأرض، من النقطة التي انتهى عندها اختراق القنبلة التي سبقتها، وهو تكتيك يتم استخدامه لتوسيع حجم اختراق القنابل الخارقة للتحصينات.

بالنظر إلى ما سبق، وحقيقة أن التقديرات الأميركية لأعماق المنشآت التحت أرضية في كوريا الشمالية وإيران، والتي تشير إلى أن أعماقها تتراوح بين 80 و100 متر على الأقل، يمكن القول إن الغارة الأميركية على اليمن كانت بمنزلة اختبار عملي للقدرات الأميركية على تنفيذ ضربات جوية على أهداف عميقة تحت الأرض، ويرجح أن تشهد الترسانة الأميركية من هذه القنابل تطوراً متسارعاً خلال المدى المنظور لمواكبة التحديات القائمة، بحيث يتم إنتاج قنابل أصغر حجماً وأكبر في قدرتها على اختراق الأرض.

 

السيد السيستاني لممثل الأمم المتحدة: نرفض التدخلات الخارجية بمختلف وجوهها

المرجع الديني الأعلى في العراق السيد علي السيستاني يستقبل ممثّل الأمم المتحدة في العراق محمد الحسان ويبدي أسفه من عجز المجتمع الدولي عن وقف العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان.

شدّد المرجع الديني الأعلى في العراق، السيد علي السيستاني، اليوم الاثنين، على منع التدخّلات الخارجية بمختلف وجوهها، فيما أعرب عن أسفه لعجز المجتمع الدولي ومؤسساته عن فرض حلول ناجعة لإيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان.

واستقبل السيد السيستاني ممثّل الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثتها في العراق (يونامي) محمد الحسان والوفد المرافق له، وفي بيانٍ صادر عن مكتب السيد السيستاني قال إن "السيد قدّم شرحاً موجزاً حول مهام البعثة الدولية والدور الذي تروم القيام به في الفترة القادمة، وفي المقابل رحّب بحضور الأمم المتحدة في العراق وتمنّى لبعثتها التوفيق في القيام بمهامها".

وأضاف السيد السيستاني إنه "ينبغي للعراقيين - ولا سيما النخب الواعية - أن يأخذوا العِبر من التجارب التي مرّوا بها ويبذلوا قصارى جهدهم في تجاوز إخفاقاتها ويعملوا بجدّ في سبيل تحقيق مستقبل أفضل لبلدهم ينعم فيه الجميع بالأمن والاستقرار والرقي والازدهار".

كما أكد أنّ "ذلك لا يتسنّى من دون إعداد خطط علمية وعملية لإدارة البلد اعتماداً على مبدأ الكفاءة والنزاهة في تسلّم مواقع المسؤولية، ومنع التدخّلات الخارجية بمختلف وجوهها، وتحكيم سلطة القانون".

وفي ما يخصّ الأوضاع الملتهبة في منطقتنا عبّر السيد السيستاني، عن "عميق تألّمه للمأساة المستمرة في لبنان وغزّة وبالغ أسفه على عجز المجتمع الدولي ومؤسساته على فرض حلول ناجعة لإيقافها أو في الحدّ الأدنى تحييد المدنيين من مآسي العدوانية الشرسة التي يمارسها الكيان الإسرائيلي".

مثّل الأمم المتحدة في العراق: لا نقبل بأي مساس بمقام المرجعية

من ناحيته، أكّد ممثل الأمم المتحدة في العراق، محمد الحسان، اليوم الاثنين، أنه لا يمكن القبول بأيّ مساسٍ بمقام المرجعية الدينية العليا الممثلة بالسيد علي السيستاني.

وقال الحسان خلال مؤتمر صحافي عقب لقائه السيد السيستاني في النجف الأشرف في العراق: "تشرّفت بلقاء سماحة السيد السيستاني، واستمعت إلى حكمته ورؤاه للمنطقة والعراق".

وأضاف "تعلمون مكانة السيد في العالمين الإسلامي والعالمي، وأنا سعيد بهذا اللقاء، وقد اتفقت مع سماحته على العمل المشترك على تعزيز مكانة العراق".

كما لفت الحسان إلى أنّ "السيد السيستاني طلب منه تنفيذ الأولويات بما هو لمصالح العراق"، متوقّعاً أن "يعزّز العراق علاقاته مع جيرانه".

كذلك، صرّح بأنّ "الأمم المتحدة ملتزمة في دعم الأولويات للعراق ولا تتدخّل إلا في المشورة".

يُشار إلى أنّ الاحتلال الإسرائيلي، نشر الشهر الماضي، صوراً لعدد من قادة محور المقاومة من ضمنها السيد علي السيستاني باعتباره أحد أهداف الاحتلال، ما أثار سخط الحكومة العراقية، والعلماء في العالم الإسلامي.

 

 

الحركة المدنية الديمقراطية في مصر تطالب بتحقيق دقيق وشفاف فى واقعة السفينة "كاثرين"

الحركة المدنية الديمقراطية المصرية تبدي غضبها ودهشتها من تباطؤ الحكومة المصرية في الرد على الأخبار التي جرى تداولها بشأن رسو السفينة "كاثرين" محملة بأسلحة مدمرة فى طريقها إلى "إسرائيل".

 

أبدت الحركة المدنية الديمقراطية المصرية، اليوم الاثنين، غضبها ودهشتها من تباطؤ الحكومة المصرية فى الرد على الأخبار التي جرى تداولها بشأن رسو السفينة "كاثرين" محملة بأسلحة مدمرة فى طريقها إلى "إسرائيل" .

وأشارت في بيان لها، إلى أنّ الحاجة لا تزال مُلحّة لإجراء تحقيقٍ دقيقٍ وشفاف فيما تردد بهذا الخصوص، ففي حين رفض مصدر مسؤول هذه الواقعة من أساسها، أكّدت وزارة النقل وصول السفينة إلى ميناء الإسكندرية بالفعل محملةً بأسلحةٍ تخصّ وزارة الإنتاج الحربي.

وشددت على ضرورة التزام كل حكومات العالم بمنع تصدير أو تسهيل نقل السلاح إلى "إسرائيل" التي تمارس حرب إبادة جماعية وتطهير عرقي في حق الشعب الفلسطيني.

وقالت إنّ "إقدام حكومات العالم على هذه الخطوة يعتبر بمثابة انتهاك للاتفاقيات الدولية الخاصة بتجريم الإبادة الجماعية".

وحيّت الحركة الدول التي أوقفت كلياً أو جزئياً صادرات السلاح إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي والتى رفضت رسو السفينة "كاثرين" أو غيرها من السفن فى موانئها وتزويدها بالوقود حتى لا تكون طرفاً في جرائم الحرب التي يرتكبها الكيان النازي.

قلقون من استمرار معاهدة "كامب ديفيد"

وشددت الحركة على أنّها تثق بالبيان الصادر عن القوات المسلحة المصرية، والذي أكّد عدم مشاركتها قوات الاحتلال في أي أعمال عسكرية، وهو أمرٌ بديهي وطبيعي، إذ ليس من المعقول أن يكون الجيش المصري الذي قدّم أروع ملاحم البطولة طرفاً شريكاً في العدوان الإسرائيلي.

كما أكّدت الحركة ثقتها فى إدراك القوات المسلحة المصرية طبيعة ومصادر التهديد للأمن القومي المصري وأن ما يشغلها الآن هو استعادة حضورها في معبر رفح ومحور صلاح الدين وإلزام كيان الاحتلال على وقف انتهاكاته لاتفاقية "كامب ديفيد".

وتابع بيان الحركة أنّها تشارك كل المصريين قلقهم العميق بشأن استمرار معاهدة "كامب ديفيد" بعد كل هذا التوحّش والتغول على القانون الدولي لحكومة أدمنت القتل اليومي وارتكاب المجازر بدمٍ بارد، معربةً عن "تضامنها الكامل مع الشعبين الفلسطيني واللبناني فى مواجهة الجرائم  الإسرائيلية".

يُشار إلى أنّ السفينة "إم في كاثرين"، مملوكة لشركة "لوبيكا مارين" الألمانية، ومُنعت من الدخول إلى العديد من الموانئ الأفريقية والمتوسطية، بما في ذلك أنغولا وسلوفينيا والجبل الأسود ومالطا.

وفي وقتٍ سابق، رفع محامون مدافعون عن حقوق الإنسان دعوى استئناف عاجلة إلى المحكمة الإدارية في العاصمة الألمانية، برلين، "سعياً لمنع شحنة وزنها 150 طناً من المتفجرات من نوع "RDX" ذات الاستخدام العسكري على متن سفينة الشحن الألمانية، أم في كاثرين، المتجهة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة".

 

109 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

عدد الزيارات
487905