وطنية - استقبل نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى العلامة الشيخ علي الخطيب في مقر المجلس في الحازمية اليوم ، الرئيس فؤاد السنيورة والوزير السابق الدكتور خالد قباني ورئيس تحرير صحيفة "اللواء" صلاح سلام.
وتم البحث في اللقاء الذي دام لساعة ونصف الساعة في الشؤون الراهنة في ظل العدوان الصهيوني على لبنان وغزة، وإنعكاساته على الاوضاع اللبنانية وعلى المنطقة بشكل عام.
وشدد المجتمعون، وفق بيان المكتب الاعلامي في المجلس الشيعي، "ضرورة الوحدة الوطنية في هذه المرحلة، وعلى عملية بناء الدولة القوية العادلة، بعد وقف الحرب وانتخاب رئيس للجمهورية يجمع عليه اللبنانيون .
وأكد العلامة الخطيب "الالتزام بقرارات القمة الروحية الأخيرة بحذافيرها"، وقال:"ان الحل ببناء الدولة القوية العادلة التي تحمي مواطنيها وتكون مرجعا لكل المواطنين. نريد مواطنين لبنانيين، لا سنة ولا شيعة ولا مسيحيين. يجب ان نبني دولة تثق بها الناس. فالدولة هي التي تحمي الطوائف ،وليست الطوائف من يحمي الدولة. ولن يقوم البلد اذا لم نتعاون ونفهم بعضنا بعضا".
أضاف:" من هذا المجلس صدرت مقولة "لبنان وطن نهائي لجميع ابنائه" على لسان سماحة الامام السيد موسى الصدر. ونستغرب كيف ان البعض يريد ان ينتخب رئيسا من دون الشيعة، فهذا هذيان، فيما المطلوب كلمة طيبة تجمع ولا تفرق. فالوحدة الوطنية هي أفضل وجوه الحرب مع اسرائيل".
وقال العلامة الخطيب: "نريد العرب مرجعا لنا، ونحن لم نخرج ولن نخرج عن المظلة العربية. ولكن على العرب ان يقوموا بواجباتهم تجاهنا. فنحن لم يكن لدينا يوما مشروع خاص بنا، بل ان مشروعنا هو مشروع الأمة".
تصريح السنيورة
وبعد اللقاء، قال الرئيس السنيورة، في تصريح: "تشرفنا بزيارة هذا الصرح الوطني اللبناني والديني العريق، الذي أقامه هنا الإمام السيد موسى الصدر، بهدف تمتين عُرى الوحدة الوطنية، وتعزيز سياسة الانفتاح والتلاقي والحوار بين اللبنانيين مسلمين ومسيحيين".
أضاف :"لقد كان لنا لقاء مهم مع صاحب السماحة نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، وكانت مناسبة للتداول في شؤوننا الوطنية، وعلى وجه الخصوص في وقائع العدوان الاسرائيلي الغاشم والمستمر على لبنان واللبنانيين في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع والجبل وسائر مناطق لبنان".
وتابع :"في هذه المناسبة، أود بداية التوجه بالتعزية القلبية الصادقة لعائلات وارواح الشهداء الابرار الذين سقطوا جراء هذه الجرائم الإسرائيلية الوحشية والمتمادية، دفاعا عن لبنان وسيادته وحرياته واستقلاله، ومتمنيا على الله سبحانه وتعالى أن يعجِّل بشفاء جروح المصابين، وأن يخفِّف من عذابات النازحين ومن معاناة اللبنانيين، ويسرع في عودة الجميع إلى ممارسة حياتهم الطبيعية في العطاء والمشاركة الوطنية لتحقيق الإنقاذ الوطني المنشود.
كما يطيب لي في هذه المناسبة، أن أشيد بالروح الوطنية العالية التي تجلت في مناطق كثيرة من لبنان، لجهة الاحتضان الكبير للبنانيين بين بعضهم بعضا، واحتضانهم لإخوانهم النازحين الضيوف، والتصميم الثابت لدى اللبنانيين لتأمين العودة السريعة والكريمة للنازحين اللبنانيين إلى بلداتهم وقراهم التي أجبروا على النزوح منها قسرا. هذا الاحتضان الأخوي يؤكد ويثبت القاعدة الاساس التي قام عليها لبنان، والقائمة على التضامن والتراحم والعيش المشترك الواحد، الإسلامي المسيحي القائم بين اللبنانيين، والذي يعكس فرادة صيغة لبنان وأهمية دوره في العالم العربي وفي العالم أجمع".
واستطرد :"لقد تطرقنا في حديثنا المشترك مع سماحته إلى مختلف القضايا الوطنية، ولاسيما على أهمية التشديد والتعزيز لأواصر الثقة والوحدة الوطنية بين اللبنانيين، والتي هي سلاحهم الأفضل والأمضى في الدفاع عن لبنان، والتي ترتبط بقوة التوازن الثابت بين القوى والمكونات اللبنانية، وليس بتوازن القوى الذي يتبدل ويتغير بتبدل وتغير التوازنات الإقليمية والدولية، والتي من شأنها التأثير سلبا على الداخل اللبناني، وتفتح الباب واسعا أمام التدخلات، والتحكم بسياسة الدولة اللبنانية الخارجية.
إنَّ قوة التوازن في لبنان هو ما يقتضيه ضمان مصالح اللبنانيين الوطنية المشتركة، ولاسيما بكونهم يواجهون إسرائيل العدوة لجميع اللبنانيين، وهم في ذلك يتشاركون سوية المصاب والمصير الواحد، وهو ما يتطلب منهم التعاون الوطني الصادق والقوي والثابت في ما بينهم".
وقال :"انَّ صيغة العيش المشترك لا تقبل انتصار فريق من اللبنانيين على فريق آخر، وبكونها هي العامل الأساس والضروري من أجل تحقيق الخروج الآمن والسريع من هذه المحنة المستمرة على لبنان، فبوحدتنا ننتصر معا، ونخسر بتفرقنا وانقسامنا."تأبى الرماحُ إذا اجتمعنا تكسُّراً وإذا افترقنَ تكسَّرت آحادا"
ونتذكر هنا ما أوصانا به الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين، وأوصى به إخواننا، وأبناء وطننا الشيعة بشكلٍ خاص، والتي أضحت وصايا وطنية لكل طوائف لبنان ولكل اللبنانيين، حيث يقول: ""أوصي أبنائي وأخواني الشيعة الإمامية في كل وطنٍ من أوطانهم، وفي كلِّ مجتمعٍ من مجتمعاتهم، انْ يدمجوا أنفسَهم في أقوامِهِم وفي مجتمعاتهم وفي أوطانِهم، وأن لا يميِّزوا أنفسَهم بأيِّ تمييز خاص، وألا يخترعوا لأنفسهم مشروعا خاصا يميزهم عن غيرهم".
أضاف السنيورة :"إن الوضع الخطير الذي أمسى عليه لبنان يقتضي منا جميعا المسارعة إلى تحقيق وقف كامل لإطلاق النار، بالتوازي مع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، يحظى بثقة اللبنانيين، وبحيث يتمكن الرئيس المنتخب عندها من السير في إطلاق آلية إعادة تكوين السلطات الدستورية، والتي يصار بموجبها إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني تتولى تنفيذ وتطبيق القرار 1701 تطبيقا كاملا، وبما يدفع باتجاه التشديد والعمل على حسن واستكمال تطبيق الدستور واتفاق الطائف. هذا فضلا عن ضرورة السير قدما في تطبيق عملية إعادة الاعمار والبناء وإصلاح ما هدمه العدوان الإسرائيلي، وبما يسهم في عودة البلاد إلى الحياة الطبيعية بما يعني توجيه كل الجهود لإعادة بناء الدولة ومؤسساتها، ولاسيما في دعم المؤسسات العسكرية والأمنية، وكذلك في تعزيز سلطة الدولة العادلة والواحدة والموحدة، والشروع في مسيرة الإصلاح، والعمل على استعادة النهوض الوطني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي، وذلك بالتعاون الوثيق مع الأشقاء العرب ومع أركان الشرعيتين العربية والدولية".
وختم :"فلبنان نتيجة هذه الحرب المجرمة والمدمرة التي لايزال يعاني منها، قادم أيضا في الآتي من الأيام على تحديات كبيرة وخطيرة، ويعلم الجميع أن تحديات السلام ليست أقل هولا من تحديات الحرب، ولا نستطيع أن نواجهها إلا معا، وبالوحدة الوطنية التي تكسبنا ثقة اللبنانيين، وثقة أشقائنا وأصدقائنا في العالم وتعيننا على تخطيها.
نسأل الله تعالى أن يلهمنا جميعا التوفيق والسداد، إنه سميع مجيب".
وطنية - عكار - أقامت جمعية "إعمل وارتق" في بلدة الحويش، نشاطا زراعيا في المساحات الترابية الفارغة داخل مدرسة الحويش الرسمية بعنوان "ازرع ولا تقطع"، شارك فيه أطفال من العائلات النازحة الى المدرسة التي تعتبر مركز إيواء. ونثر ناشطو الجمعية والاطفال أنواعا من البذور داخل الاحواض الترابية وغرسوا اشجارا من الزيتون والمثمرة حملت اسماء اشجار الجنوب والبقاع والضاحية، كتعبير عن الوحدة الداخلية والاحتضان وما تمثل هذه المناطق من رمزية للصمود والتصدي بوجه العدوان.
وأشار رئيس الجمعية الشيخ حسن الأكومي الى ان "هذه المبادرة تأتي لتثبت للعدو اننا جميعا صامدون في كل شبر من هذا الوطن"، وقال: "لا مناطقية ولا طائفية وليخسأ كل من يسعى الى التفرقة بين اطياف هذا المجتمع. نحن كلبنانيين سنة وشيعة ومسيحيين كلنا واحد في كل الظروف وتحت كل الضغوط نبقى موحدين وصامدين بوجه هذا العدو".
أميركا، بغض النظر عن حاكمها، لن تكون في يوم من الأيام وسيطاً نزيهاً لحل المشاكل والأزمات، بل ستبقى منحازة وداعمة لـ"دولة" العدو في كل الأوقات.
منذ أن تم إعلان فوز المرشح الجمهوري للانتخابات الأميركية دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية، انشغلت أغلبية وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث والكتّاب والمحللين وحتى العامة بتوقّع فترة حكمه الثانية، والتي تأتي في أوضاع بالغة الحساسية والتعقيد، سواء على مستوى المنطقة، أو فيما يخص كثيراً من الأزمات العالمية، وفي المقدمة منها الأزمة الروسية - الأوكرانية.
وذهب الكثيرون إلى الاعتقاد أن التجربة الأولى لترامب في عام 2016 كافية لأن تعطينا مؤشراً واضحاً وحاسماً على أدائه المتوقّع خلال الفترة المقبلة له في البيت الأبيض كرئيس لأقوى دولة في العالم، إذ شهدت تلك الفترة كثيراً من الأحداث التي بدا بعضها دراماتيكياً وغير مُتوقع، ولاسيّما فيما يخص العلاقة بمحور المقاومة، وخصوصاً إيران، والتي قامت خلالها الولايات المتحدة باغتيال الجنرال قاسم سليماني قائد قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني على مشارف مطار بغداد، وفرض سياسة الضغوط القصوى على الجمهورية الإسلامية لثنيها عن دورها في دعم دول وجماعات محور المقاومة، وأخيراً وليس آخراً الانسحاب من خطة العمل المشتركة المتعلّقة بالبرنامج النووي الإيراني.
فيما يخص مناطق أخرى من الإقليم، أقدم ترامب على الاعتراف بالجولان السوري المحتل جزءاً من أرض "إسرائيل"، وقام بنقل السفارة الأميركية في فلسطين المحتلة من "تل أبيب" إلى القدس، ودعم وشجّع دولاً عربية متعددة على التطبيع مع "الدولة" العبرية، وإبرام ما سُمّي حينذاك اتفاقية "أبراهام"، وما تبع ذلك من جني مليارات الدولارات من بعض الدول العربية، ولاسيّما الخليجية منها، تحت بند المساعدات العسكرية التي لم تصل إليها، والحماية من الخطر الإيراني المحدق كما صوّره ترامب وصهره الوسيم جاريد كوشنير.
عالمياً، شهدت فترته الأولى زيارة تاريخية لكوريا الشمالية، وتطويراً للعلاقة وإن بشكل محدود مع روسيا، إضافة إلى ضغطه المتواصل على دول الاتحاد الأوروبي "الضعيفة" لإرغامها على تحمّل مزيد من التكلفة المالية في مقابل الحماية التي توفرها لها الولايات المتحدة، وهذه الحال تكرّرت مع اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان.
في كل حال أنا هنا لست في صدد مناقشة المآلات والتداعيات لهذا التربّع الجديد لترامب على سدّة الحكم في "أم الإرهاب" وراعيته الأولى في العالم، ولست حريصاً على تحليل كثير من المعطيات التي ساقها البعض للتنبّؤ بأدائه خلال الأعوام الأربعة المقبلة، والتي يرى الكثيرون أنها ستكون حافلة بعدد من المفاجآت والتطورات، سواء على مستوى المنطقة او العالم، بل سأحاول الإجابة عن سؤال محدّد يشغل بال الكثيرين في المنطقة تحديداً، وخصوصاً أنها تشهد عدواناً إسرائيلياً على قطاع غزة منذ أكثر من ثلاثة عشر شهراً، والذي نتج منه عشرات آلاف الشهداء، وعشرات آلاف المصابين من المدنيين الفلسطينيين العزل، بالإضافة إلى ما ارتبط به من عدوان صهيوني على لبنان، الذي تشهد المعركة فيه تطورات حاسمة فيما يخص عمل المقاومة الإسلامية على وجه الخصوص، وإمكان أن تتطور مساحة الحرب لتصل إلى ساحات أخرى في المنطقة، وتحديداً مع الجمهورية الإسلامية في إيران.
في الحرب على غزة ولبنان، كان واضحاً الدور الأميركي الرئيس والحيوي في استمرار هذه الحرب طوال الفترة الماضية، والتي مارس فيها العدو الصهيوني المحكوم من جانب ائتلاف متطرّف برئاسة مجرم الحرب بنيامين نتنياهو كل أشكال القتل والإجرام التي صنّفتها محكمة العدل الدولية بأنها جرائم إبادة جماعية ضد المدنيين، وقام خلالها بتدمير كل مؤهلات الحياة في القطاع الصغير والمحاصَر، وجعله منطقة غير صالحة للسكن، وهذا الأمر يتكرر حالياً وإن بشكل أقل في قرى جنوبي لبنان، والتي يقوم جيش الاحتلال بتسوية منازلها بالأرض، وتدمير كل مظاهر الحياة فيها بشكل كامل، في محاولة حثيثة لتحويلها إلى منطقة عازلة يسعى لإنشائها كما هي الحال في شمالي قطاع غزة، الذي يشهد منذ شهر ونصف شهر تقريباً جريمة مروّعة تتمثل بقتل أكثر من ألف مواطن فلسطيني، بالإضافة إلى تجويع عشرات الآلاف الآخرين وتهجيرهم قسراً في اتجاه مدينة غزة.
الدور الأميركي فيما تفعله "إسرائيل" في غزة ولبنان كان واضحاً للغاية، إذ إن الدعم اللامحدود الذي قدمته أميركا إلى رأس حربتها في المنطقة لارتكاب هذه الجرائم لا يخفى على أحد، وساهم بشكل أساسي في إطالة أمد الحرب طوال كل هذه الشهور، ووقوع هذا العدد الهائل من الشهداء والجرحى والدمار والخراب، إذ إن مليارات الدولارات التي قُدّمت إلى الكيان الصهيوني، ومخازن الأسلحة الأميركية في النقب والأردن ودول الخليج وتركيا، التي فُتحت له على مصاريعها، والدعم السياسي والقانوني المتواصل، إلى جانب المشاركة الفعلية في العدوان سواء بالوجود البحري اللافت للأسطول الأميركي في المنطقة، أو من خلال المعلومات الاستخبارية الهائلة التي قدّمتها أجهزة الأمن الأميركية إلى نظيرتها الإسرائيلية، وصولاً إلى مشاركة المئات سواء من المرتزقة الأميركيين، أو من جنود الوحدات الخاصة في بعض العلميات داخل قطاع غزة، وتحديداً تلك المتعلّقة باستعادة أربعة أسرى صهاينة من مخيم النصيرات قبل عدّة أشهر، أو فيما يخص تعقّب قادة المقاومة واغتيالهم، كما أشارت بعض الصحف الأميركية في كثير من المرات، كل ذلك ساهم بشكل أساسي في توسّع العدوان، وما ترتّب عليه من آثار كارثية وتداعيات مدمّرة، وخسائر بشرية واقتصادية غير مسبوقة، ما كانت لتحدث لولا الدعم والمشاركة من الولايات المتحدة الأميركية، التي صدعت رؤوسنا بالدعوات إلى التهدئة، والذهاب نحو الحل السياسي للأزمة، وما رافق ذلك من زيارات لوزير خارجيتها اليهودي أنتوني بلينكن، ومدير الأمن القومي ووزير دفاعها وغيرهم، إلا أنها على أرض الواقع استمرت في توفير كل الدعم لـ"إسرائيل" للاستمرار في جرائمها ومذابحها، التي باتت شبه اعتيادية لكل من يشاهدها في هذا العالم، الذي فقد ضميره وأخلاقه، وربما عقله.
فيما يخص المرحلة المقبلة من الصراع في المنطقة، والذي يشغل بال الكثيرين، ويثير الرعب في قلوب آخرين، وتحديداً ما يتعلّق بموقف الإدارة الأميركية المقبلة منه، وكيفية تعاطيها معه، ولاسيّما في ظل وجود رئيس متقلّب المزاج على شاكلة دونالد ترامب، تبدو الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات، إذ إن هناك احتمالاً وارداً بقوة لتصاعد هذا الصراع وذهابه نحو مرحلة لم يكن يتوقعها أحد، مدفوعة بكثير من الجنون الذي تعودنا عليه من ترامب وفريقه الأمني والسياسي، أو في اتجاه حل بغض النظر عن مضمونه، وعودة مرة أخرى إلى قواعد الاشتباك القديمة بغض النظر عن تفاصيلها، والتي لا تبدو واضحة حتى هذه اللحظة نتيجة كثير من التطورات، وما يمكن أن تتركه من تأثير في الشكل النهائي لهذه الاحداث.
لكن ما نستطيع أن نقوله بكل ثقة واطمئنان، بعيدا عن الموقف الأميركي المرتقب، وبعيداً عن كل ما يُشاع من مخاوف يسعى البعض لإثارتها وترويجها أملا في الحصول على بعض التنازلات من قوى المقاومة في المنطقة خلال ما تبقّى من فترة بايدن في الحكم، فإن الذي سيقرر شكل المرحلة المقبلة ومضمونها هو ما يحدث في الميدان، والمقصود هنا هو ميدان القتال بدرجة أولى، مع أهمية أن يتم استثمار ذلك في ميدان السياسة بكل تأكيد، إذ إن كل الصراعات والأزمات على مستوى العالم منذ بدء الخليقة حتى الآن تم حسمها في الميدان، وإن كل الإنجازات التي تحصّل عليها هذا الطرف او ذاك لم تكن نتيجة مؤتمرات أو لقاءات أو نقاشات، بغض النظر عن حجمها أو مخرجاتها، ولم تكن أيضاً نتيجة مكائد سياسية جيّرها البعض لخدمة أهدافه والوصول إليها، وإن كانت هذه المكائد تؤثّر أحياناً في الصورة الإجمالية للحل، وإنما كان الميدان هو الذي يفرض شروطه على الجميع، وتبدو آثار غبار المعارك التي جرت فيه واضحة وجليّة على الأوراق التي وُقّعت عليها الاتفاقيات، والتي شهدت انتصار هذا الطرف وهزيمة الآخر، وما ترتّب على هذا الانتصار وهذه الهزيمة من تداعيات استمر بعضها مئات السنين.
في الحربين العالميتين الأولى والثانية فرض المنتصرون شروطهم، ولم يعطوا الطرف المهزوم أي فرصة لتحسين شروط التفاوض، بل استغلوا كل رصاصة أُطلقت في جبهة القتال لتحقيق إنجاز سياسي غيّر وجه العالم، وهذا ما تكرّر في كل الحروب، كبيرتها وصغيرتها، من دون زيادة او نقصان، بل إن بعض الحروب أدت، نتيجة لما حدث في الميدان، إلى تقسيم دول وإمبراطوريات، واندثار أخرى، بينما أدت غيرها إلى تغييرات هائلة في الديمغرافيا السكانية تركت أثراً بالغاً في ملايين البشر.
على صعيد المنطقة، هذه الحال جرت بشكل مشابه لما حدث في مناطق متعددة من العالم، إذ نجح الكيان الصهيوني في فرض شروطه على الدول العربية بعد حرب عام 1948، وهو الأمر الذي تكرر بعد نكسة عام 1967، بحيث كرّست "إسرائيل" نفسها شرطياً للمنطقة، وضربت بسوطها الغليظ كل من رفع صوته بالرفض أو مجرد الاستنكار، وأسست مرحلة من الهيمنة المطلقة استمرت طوال أكثر من أربعة عقود ونصف عقد على نشأتها، بحيث بدأت هذه الهيمنة التراجع مع مرور الوقت بعد ظهور أعداء جدد لهذه "الدولة" المستوطنة، بحيث راكم هؤلاء الأعداء من فصائل مقاوِمة في فلسطين ولبنان تحديداً مجموعة من الانتصارات والإنجازات ساهمت من دون أدنى شك في تراجع المشروع الصهيوني، وفي تأكّل نظريته للأمن القومي التي قامت عليها "دولته" المارقة، وصولاً إلى إرغامه على الاندحار عن مناطق كان احتلها بقوة الحديد والنار، مثل قطاع غزة وجنوبي لبنان، وهو ما ترك انطباعاً حقيقياً بان هذا الكيان قابل للهزيمة والانكسار، وأن كل ما يملكه من مقوّمات القوة والدعم الهائل الذي يتلقّاه من دول العالم الكبرى لا يمكن أن يمنحه حصانة مفتوحة الرصيد إذا وُوجه بمقاومة عقائدية صلبة وراسخة.
وبالتالي، فيما يتعلّق بتطور الأحداث في منطقتنا خلال الفترة المقبلة، في ظل وصول دونالد ترامب إلى سدّة الحكم في الولايات المتحدة الأميركية، وما يُعرف عنه من مواقف مؤيدة للغاية للكيان الصهيوني المجرم، الذي بذل رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو كل ما في وسعه لمساعدة ترامب على الوصول إلى الحكم، وكان أول المهنئين له بهذا الفوز الذي بدا كاسحاً على نظيرته كامالا هاريس، التي لم تقدم لا هي ولا رئيسها "الخَرِف" ما يشفع لهما للحفاظ على كرسي الرئاسة في أميركا، بل كانت فترة حكمهما من أسوأ ما مر على أمتنا وشعبنا طوال تاريخهما القديم والحديث، إذ لم تقدم أي إدارة أميركية سابقة حتى في زمن ترامب نفسه مثل ما قدمه بايدن وهاريس إلى "دولة" العدو، وما وفراه لها من دعم في كل الصعد لارتكاب سلسلة طويلة من الجرائم والمذابح ضد المدنيين الفلسطينيين...
فيما يخص هذا التطوّر الذي يرتقبه الجميع، نحن نعتقد أن أميركا بقيادة ترامب لن تقدم إلى "إسرائيل" أكثر مما قدمته خلال الشهور الماضية، وأن كل ما ستفعله بغض النظر عن تفاصيله لن يصب على الإطلاق إلا في مصلحة استمرار تفوّق هذا الكيان على كل خصومه القريبين والبعيدين، وأنها كما جرت العادة لن تكون طرفاً موثوقاً به للوصول إلى حل ينهي الحرب ويُعيد الهدوء إلى ساحات المنطقة المشتعلة.
أميركا، بغض النظر عن حاكمها، لن تكون في يوم من الأيام وسيطاً نزيهاً لحل المشاكل والأزمات، بل ستبقى منحازة وداعمة لـ"دولة" العدو في كل الأوقات، وستُفرد من إمكاناتها العسكرية والمالية ما يحتاج إليه للمضي قُدماً في ارتكاب مجزرة القرن التي يقوم بها في قطاع غزة وفي لبنان.
وبناءً عليه، وحتى لا نتوه في زواريب التوقُعات والتمنّيات، وبعيداً عما سيفاجئنا به ترامب وحاشيته المقرّبة التي يتكوّن معظمها من اليهود، فإن أفق الحل في المنطقة سيحدده الميدان، والميدان فقط، كما قال الشيخ نعيم قاسم، الأمين العام الجديد لحزب الله، وكما قال من قبله الأمين العام الشهيد سماحة السيد حسن نصر الله، وكما أكده بدمه وأشلائه المهشّمة الشهيد القائد يحيي السنوار وهو يواجه بعصاه جنود الاحتلال في رفح، وهو ما يؤكده كل يوم مقاتلو المقاومة ومجاهدوها في غزة ولبنان واليمن والعراق وسوريا، هذا الميدان هو صاحب كلمة الفصل، وهو الذي سيمنح المنتصر فيه إمكان فرض شروطه على الطرف الآخر، وتحقيق ما يصبو إليه من أهداف وما يسعى له من نتائج.
في الميدان، تبدو "دولة" الاحتلال متفوّقة على صعيد الإمكانات والقدرات على خصومها بشكل واضح، وهو ما يؤهلها لارتكاب كل الجرائم والموبقات غير المسبوقة، إلا انها حتى الآن تفشل في تحقيق أي إنجاز لافت، وفي الحصول على أي ورقة قد تساوم عليها في أي مفاوضات قادمة، وقد ظهر هذا الأمر جليّا خلال الشهور الماضية، والتي جيّرت فيها "إسرائيل" جرائمها ومذابحها للوصول إلى اتفاق يحقق لها أهدافها، إلا أنها في كل مرة لم تحصد إلا الفشل والإخفاق.
في الجانب الآخر، تبدو دول وجماعات محور المقاومة أكثر تماسكاً، ولاسيما بعد أن تجاوزت الصدمات التي أصابتها باغتيال قادتها، والمجازر التي استهدفت حواضنها الشعبية، وشعوبها وناسها الطيبين، وهي عادت من جديد إلى استلام زمام المبادرة في الميدان، وتحديداً في الجبهة الشمالية مع لبنان.
أما في قطاع غزة فتمكنت المقاومة والشعب الفلسطينيان من الصمود طوال هذه الفترة الطويلة، وما زالا يراكمان مزيداً من الإنجازات، سواء في ميدان القتال كما يحدث حالياً في جباليا وبيت لاهيا ومحيطيهما، أو في ميدان الصمود والثبات والذي يضرب فيه الشعب الفلسطيني أروع الأمثال في مواجهة خطط الاحتلال الساعية لتهجيره وقتله.
في الميدان، بغض النظر عن موقف ترامب وحاشيته، لن تكون اليد العليا إلا للمقاومة وشعبها، ولن يتمكن لا هو، ولا كل قادة محور الشر في العالم، من فرض أجنداتهم وتمرير مؤامراتهم، مهما كلّف ذلك من ثمن، ومهما تطلّب ذلك من تضحيات.
استطلاع رأي إسرائيلي يظهر أنّ نحو 46% من الإسرائيليين يعتقدون أنّ "إسرائيل" يجب أن تسعى إلى اتفاق دبلوماسي مع حزب الله.
أظهر استطلاع للرأي، أصدره معهد "الديمقراطية الإسرائيلي" في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، انقساماً عميقاً في الرأي العام الإسرائيلي بشأن الحرب على لبنان.
وبحسب الاستطلاع، فإنّ 46.5% من الإسرائيليين يعتقدون أنّ "إسرائيل" يجب أن تسعى إلى اتفاق دبلوماسي مع حزب الله.
ويعتقد 43.5% من الإسرائيليين أنّ "الضربات التي نفّذتها إسرائيل على إيران كانت رداً ضعيفاً للغاية على الهجوم الصاروخي البالستي الضخم الذي شنّته طهران في الأول من أكتوبر".
صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية تشير إلى أنّ أصحاب المشاريع الصغيرة في "إسرائيل" يتوقعون أن أعمالهم لن تكون قادرة على الاستمرار مع استمرار الحرب.
كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، اليوم الأحد، عما وصفته بـ"نتائج مثيرة للقلق في الشمال بشأن أصحاب المشاريع الصغيرة".
وأظهرت النتائج أنّ "أكثر من 80% من أصحاب المشاريع الصغيرة في الجليل الشرقي والجولان يعانون من انخفاض دخلهم منذ بداية الحرب، حيث يُعاني نصفهم من انخفاض يزيد عن 65%".
ووفق الصحيفة فإنّ "نحو 80% من أصحاب المشاريع الصغيرة، يتوقعون بدرجة متوسطة إلى كبيرة جداً أنّ أعمالهم لن تكون قادرة على الاستمرار".
ويفرض العدوان الذي تشنّه "إسرائيل" على لبنان فاتورة ضخمة من التعويضات التي سدّدتها السلطات للشركات العاملة في شمال فلسطين المحتلة، بسبب الخسائر التي تكبّدوها، إذ تشير المعطيات إلى أنه بين تشرين الأول/أكتوبر 2023 وآب/أغسطس 2024، دُفعت تعويضات للشركات بقيمة إجمالية تبلغ 4.4 مليارات شيكل (أكثر من مليار دولار أميركي) عن الأضرار غير المباشرة، مع العلم أنّ هذا الرقم لا يشمل تعويضات الأضرار المباشرة للأعمال التجارية في المباني التي أصيبت بشكل مباشر بالصواريخ والطائرات من دون طيار، ما يعني أن عدد الشركات التي ستقفل مرشح للارتفاع.
يأتي ذلك فيما كشفت "القناة 12" الإسرائيلية، بأنّ البطالة في الشمال باتت بعد الحرب أعلى بنسبة 20% عن باقي المناطق.
وتعاني "إسرائيل" أيضاً من خسائر كبيرة في الشمال ولا سيما عندما وسّع حزب الله عملياته بشكل أكبر وشملت حيفا الأمر الذي أثّرت في واقع الصناعة والزراعة التجارة والسياحة.
40 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع