تشبُّث نتنياهو بالبقاء في "فيلادلفيا".. هل يقود العلاقات مع القاهرة نحو الاضطراب؟

على الرغم مما تم رصده من اضطرابات في العلاقات ما بين الإدارة المصرية وحكومة الاحتلال، فإنّ الجانبين، كما يبدو، حريصان على كبح جماح تلك الحالة وعدم ترك المجال لكي تصل الأمور إلى عتبة فسخ العلاقات.

على مدار الأسبوع الماضي، قفزت العلاقات بين القاهرة و"تل أبيب" خطوة جديدة إلى الوراء، وذلك على أثر تصريحات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو حول استمرار بقاء القوات الإسرائيلية في محور فيلادلفيا الملاصق للحدود المصرية، مع الإشارة إلى أن تلك المنطقة لم تكن آمنة بالقدر الكافي، ما سمح للأسلحة التي تستخدمها فصائل المقاومة بالعبور من شبه جزيرة سيناء إلى قطاع غزة.

هذا التعنّت من جانب نتنياهو، الذي يقود حكومة تمثّل النسخة الأكثر صلافة من اليمين الإسرائيلي، أثار غضب الدولة المصرية التي تطرح نفسها باعتبارها الطرف الأكثر حرصاً على استقرار المنطقة وسلامتها، وهي تسعى من خلال ذلك لاكتساب مكانة لدى الأطراف الدولية الفاعِلة، أو بصيغة أدق لدى العواصم الغربية، وبالتالي فقد ساءَها تحديداً حديث "إسرائيل" حول حصول حركة حماس على السلاح من مصر أو عبرها.

بيان الخارجية المصرية ذاته أشار، بصيغة دبلوماسية غير مباشرة، إلى أن الزجّ باسم مصر في خطاب رئيس الحكومة الإسرائيلية كان محاولة منه للإفلات من الضغوط الداخلية الناجمة عن عجزه عن الوصول إلى هدفه المتمثل في استرداد الرهائن والمحتجزين، وبالتالي سعى "لتشتيت انتباه الرأي العام الإسرائيلي"، كما أكدت القاهرة أن ما يجري من قبل نتنياهو كفيل بعرقلة جهود الوساطة، وأن "تل أبيب" تتحمّل عواقب تأزيم الموقف، وتستهدف تبرير السياسات العدوانية والتحريضية.

الأمر الذي ساعد الدولة المصرية على اتخاذ ذلك الموقف هو الدعم الذي تلقته من عدد من الأطراف العربية والإقليمية، مثل الأردن وقطر والسعودية والإمارات وتركيا، إضافة إلى ارتفاع أصوات المعارضين داخل "إسرائيل"، من ضمنهم قائد "الجيش الإسرائيلي" السابق بيني غانتس، الذي أعلن عدم حاجة إسرائيل إلى الاحتفاظ بقوات في منطقة الحدود الجنوبية لقطاع غزة، وأن إصرار نتنياهو على البقاء في "محور فيلادلفيا"، ومنعه التوصل إلى صفقة سياسية، سيؤدي إلى مقتل المزيد من الأسرى، وأن هناك خطة لإغلاق أنفاق "حماس" تحت الأرض بحاجز؛ لكنها تعطلت بفعل رئيس الحكومة.

وجود رفض لسياسة نتنياهو في ما يتعلق بمحور فيلادلفيا تكامل مع مشهد المتظاهرين الإسرائيليين الذين احتشدوا بأعداد كبيرة يوم الأحد الفائت، استجابةً لدعوة عائلات الأسرى واتحاد نقابات العمال الإسرائيلي، على خلفية مقتل 6 من الرهائن في غزة واستلام جثثهم، مطالبين بالتوصل إلى اتفاق عاجل لاسترداد 101 رهينة ما زالوا محتجزين لدى المقاومة من دون أن يعني ذلك امتلاك معارضي الحكومة الإسرائيلية أجندة سلمية؛ فعلى العكس، طالب أكثريتهم بتوجيه ضربات أعنف ضد حزب الله، مع المزايدة على الإدارة الإسرائيلية بسبب تراجع مساحة التصعيد ضد إيران.

زيارة رئيس أركان الجيش المصري لتفقد الحدود مع غزة.. هل تعني شيئاً؟

خلال يوم الخميس الماضي، ومع اقتراب أسبوع التوتّرات المصرية/الإسرائيلية من نهايته، قام رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الفريق أحمد خليفة بزيارة مفاجئة لتفقد الأوضاع الأمنية وإجراءات التأمين على الحدود مع قطاع غزة، وكشف عن هذه الزيارة المتحدث باسم القوات المسلحة المصرية العقيد أركان حرب غريب عبد الحافظ.

زيارة الرجل الثاني في القوات المسلحة المصرية لتلك المنطقة في هذا الظرف بالغ الحساسية لا بد من أن تتضمن العديد من الرسائل للداخل والخارج. المناصرون لسياسات الدولة في مصر رأوا أن الهدف منها إثبات جاهزيّة الجيش المصري للدفاع عن حدود البلاد وحماية أمنها القومي وحدودها الجغرافية، وأن ثمة خطوطاً حمراً لا يمكن السماح بتخطّيها، وأن الاستفزازات الإسرائيلية يمكن أن يقابلها تصعيد مصري في حال استدعت الأمور ذلك، إضافة إلى هدف آخر يتمثّل في رفع الروح المعنوية للضباط والجنود الموجودين هناك.

لكن على الجانب الآخر، اعتبر خبراء وسياسيون أن الزيارة هدفها بالأساس الردّ على الادعاءات الإسرائيلية المتعلّقة بتهريب الأسلحة من شمال شرق مصر إلى داخل غزة، وإثبات قدرة الجيش على تأمين تلك المنطقة، ونفي أي شبهة تعاون مع المقاومة الفلسطينية أو تسهيلات تجري لمصلحتها عمداً أو نتيجة التقصير، وبالتالي تركزت توصيات رئيس الأركان المصري على قضية "الحرب على الإرهاب وتجفيف منابعه"، وعلى مسألة "عدم الانصياع للشائعات والأحاديث التي تهدف إلى النيل من الدولة".

منذ نحو 3 أعوام تقريباً، في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، أنجزت القاهرة تعديلات في البنود الأمنية لاتفاقية "السلام" التي كان أنور السادات قد أبرمها مع حكومة الاحتلال، واستهدفت زيادة عدد قوات حرس الحدود وإمكاناتها بالمنطقة الحدودية في رفح، وقد تم التوصل إلى تلك التعديلات بناءً على اجتماع مع الجانب الإسرائيلي. وكانت القوات المصرية قد ارتفعت أعدادها ومساحة وجودها بالفعل على مدار سنوات في سياق الحرب التي شنّتها الدولة المصرية على التنظيمات المتطرفة المرتكزة في الشق الشمالي من شبه جزيرة سيناء.

اليوم، تحرص القاهرة على ذلك المكسب المتمثل في تعديل اتفاقية "كامب ديفيد"، وربما تشعر بالقلق بسبب تصريحات نتنياهو المتكررة حول وجود أنفاق ومسارات لتهريب السلاح إلى غزة، وانعكاس تلك الملابسات الإدارة الأميركية التي تحرص الدولة المصرية على العلاقات الجيدة معها، في سياق قريب لا يغيب عن بال الإدارة المصرية المخططات الإسرائيلية التي استهدفت تهجير مئات الآلاف من أهالي غزة إلى سيناء مع بداية العدوان العسكري الذي أعقب عملية "طوفان الأقصى" منذ نحو 11 شهراً.

محور فيلادلفيا: أهميته وإشكالية "كامب ديفيد"

الممر المعروف أيضاً باسم محور صلاح الدين أو محور فيلادلفيا، كما تطلق عليه حكومة الاحتلال، هو شريط حدودي داخل قطاع غزة ملاصق للحدود المصرية، ويمتد لمسافة 14 كم، من معبر كرم أبو سالم حتى شاطئ البحر الأبيض المتوسط. وبموجب شروط معاهدة كامب ديفيد للسلام عام 1979، فإنه يكون مسموحاً أن تنشر "إسرائيل" قوة محدودة في هذه المنطقة الحدودية.

لكن عام 2005، مع انسحاب "جيش" الاحتلال من قطاع غزة تم توقيع بروتوكول مع مصر أُطلق عليه "بروتوكول فيلادلفيا"، وفيه يتم السماح لمصر بنشر 750 جندياً لمكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود، ولا يكون لـ"إسرائيل" إمكانية الوجود داخل قطاع غزة. الإشكال هنا أن بنيامين نتنياهو عازم على التصعيد، ولا يأنف بالبروتوكولات التي تم توقيعها، وهو يرى خطأ قرار رئيس الوزراء الأسبق أرئيل شارون بإخلاء محور فيلادلفيا عند الانسحاب من قطاع غزة.

خلال الأشهر الأربعة الماضية، قامت القوات الإسرائيلية بتدمير مئات المباني القريبة من محور فيلادلفيا في عمليات هدم وغارات جوية، وكذلك باستخدام الجرافات، كما تم إزالة كاملة للقرية السويدية التي تقع قرب الحدود المصرية على ساحل البحر المتوسط، وتشير الصور الأخيرة إلى أن جيش الاحتلال بات يستخدم تلك المنطقة كقاعدة عسكرية، كما يقوم حالياً برصف طريق على طول المحور.

وتكمن أهمية السيطرة على محور فيلادلفيا بالنسبة إلى اليمين الإسرائيلي في أنها تضمن إحكام الحصار على قطاع غزة، وضمان سدّ جميع المنافذ أمام المقاومة الفلسطينية، كذلك ثمّة انتصار معنوي سيشعر به الإسرائيليون في حال نجحوا بإعادة احتلال قطاع غزة بعدما كانوا قد انسحبوا منه منذ نحو عقدين بفضل عمليات المقاومة، لكن على الصعيد الآخر هناك من يرى داخل "إسرائيل" أولوية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ومنهم وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت، وعدد من قادة "جيش" الاحتلال الآخرين الذين يؤكدون أن الجنود الإسرائيليين سيكونون بمنزلة صيد سهل للمقاومة في تلك المنطقة.

ما فرص حدوث صدام عنيف بين القاهرة و"تل أبيب"؟

على الرغم مما تم رصده من اضطرابات أو توترات في العلاقات ما بين الإدارة المصرية وحكومة الاحتلال، فإنّ الجانبين، كما يبدو، حريصان على كبح جماح تلك الحالة وعدم ترك المجال لكي تصل الأمور إلى عتبة فسخ العلاقات، بالشكل الذي يُفضي إلى أن تخسر "إسرائيل" الدولة العربية الأولى التي انخرطت معها في اتفاقيات لإقامة علاقات سياسية واقتصادية وأمنية.

في السياق ذاته، فإن القاهرة تشعر بأنها مثقلة بالكثير من الأعباء الاقتصادية والسياسية الداخلية، في ظل تراجع القيمة الشرائية للعملة المحلية، والارتفاع المطّرد في أسعار السلع والخدمات، وشعور المواطنين بالضيق، هذا كله يدفع الحكومة المصرية للتركيز على الشأن الداخلي وتجنب خوض صراعات "خارجية"، وخصوصاً أن ثمة تنامياً في معدلات الديون بشكل يرهق ميزانية الحكومة أكثر فأكثر كل عام.

منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بلورت القاهرة سياستها في 3 مُحدداتٍ:

الأول، العمل على وقف المجازر التي يتم ارتكابها بحق أبناء القطاع، والسعي إلى عودة الهدوء إلى الشارع الغزّي.

الثاني، ضمان عدم توسيع مساحة القتال بالشكل الذي يُفضي إلى اشتعال منطقة الشرق الأوسط ككل، ما يؤدي إلى تصاعد التحديات الاقتصادية.

الثالث، رفض فكرة تهجير الفلسطينيين كلياً، لما في ذلك من أضرار تتعلق بالأمن القومي المصري داخل سيناء.

هذه الرؤية المصرية التي تبدو "بسيطة" و"عقلانية" و"متزنة"، وأحياناً متعارضة مع سياسات "تل أبيب"، تبدو في الوقت ذاته غير عابئة بقضية المقاومة أو غير معنية بها أو بتوفير كل ما يلزم لاستمرارها، بل إن فصائل غزة المسلحة ستكون وفقاً لهذا الترتيب جزءاً من التيار الذي يلجأ إلى "التصعيد العنيف" الذي سترفضه وتحاصره القاهرة الباحثة عن "تحقيق السلام"!

وهذا تحديداً ما تعيه حكومة الاحتلال جيداً، وهو وحده كافٍ لمنع تصاعد الصدام بين مصر و"إسرائيل"، من دون أن يعني ذلك التهوين من الأزمة القائمة.

 

هل تستخدم "إسرائيل" أسلحة نووية مصغّرة في غزة وجنوب لبنان؟

لقد استخدمت "إسرائيل" منذ هجماتها على لبنان في عام 2006 وتلك التي شنّتها على غزة في عامي 2008 و2014، سلاحاً نووياً جديداً، يقتل بوميض إشعاعي عالي الحرارة وبالنيوترونات.

يجري مجلس معلومات السلام الأميركي (APIC) ومنظّمة "Green Audit" ومقرّها المملكة المتحدة، تحقيقاً في احتمال استخدام "إسرائيل" للأسلحة النووية الصغيرة في غزة وجنوب لبنان.

يقدّم الدكتور كريستوفر باسبي، السكرتير العلمي للجنة الأوروبية لمخاطر الإشعاع؛ وعضو سابق في اللجنة البريطانية لفحص مخاطر الإشعاع من الباعثات الداخلية؛ وعضو سابق في مجلس مراقبة اليورانيوم المنضّب التابع لوزارة الدفاع البريطانية، الخلفية العلمية والاجتماعية للقضية أدناه.

وفي هذا الصدد، تعلن "APIC"، و"Green Audit"، عبر شبكة الميادين، أنّها تحتاج من الأشخاص الذين يقودون سيارات الإسعاف في الجنوب، أو يعيشون هناك، إحضار فلاتر الهواء الخاصة بمحرّكات سيارات الإسعاف التي تعمل في المناطق التي تعرّضت للقصف، وعيّنات من الشعر الطويل (طوله 10 سم على الأقل) إذا كانوا يعيشون في المناطق التي تعرّضت للقصف، بالإضافة إلى عيّنات من التربة التي سقطت فيها القنابل، وقراءات عدّاد "جايجر" Geiger counter ويجب إحضار هذه المواد إلى مبنى شبكة الميادين التي بدورها سترسلها للمنظّمتين. 

وتقول المنظّمتان: "قد يظنّ المرء أنّ أسهل طريقة للحصول على فلاتر الهواء الخاصة بسيارات الإسعاف هي من الصليب الأحمر اللبناني، لكنّ أمينه العام السيد جورج كتانة يرفض المساعدة في هذا التحقيق".

"إسرائيل" في غزة: الزئبق الأحمر

في عام 2021، أكد تقرير علمي في مجلة "نيتشر" المرموقة ما كنت أقوله منذ عام 2006. لقد استخدمت "إسرائيل" منذ هجماتها على لبنان في عام 2006 وتلك التي شنّتها على غزة في عامي 2008 و2014، سلاحاً نووياً جديداً، يقتل بوميض إشعاعي عالي الحرارة وبالنيوترونات.

هذا السلاح، الذي يترك بصمة تعريفية، ولكن لا يترك نواتج انشطارية مثل "السيزيوم 137". لقد تمّ استخدامه أيضاً من قبل الولايات المتحدة في الفلوجة بالعراق في عام 2003، وقبل ذلك في كوسوفو أيضاً.

وتتسبّب بقايا غبار اليورانيوم القابل للاستنشاق، إلى جانب الضرر النيوتروني للأنسجة، في مجموعة من التأثيرات الصحية الخطيرة والمميتة في كثير من الأحيان والتي تحيّر الأطباء وتتحدّى العلاجات. ومن دون معرفة سبب مثل هذه التأثيرات، والتي غالباً ما تحاكي أمراضاً أخرى أو تؤدي إلى التهابات فطرية قاتلة، فإنّ الأطباء عاجزون عن المساعدة ويكتفون بمشاهدة الأفراد المعرّضين يموتون.

في حالات التعرّض المباشر للوميض، تحترق أجزاء من الجسم، مثل الذراعين والساقين والأماكن التي لم تكن محمية بشكل كبير، وتتحوّل إلى أعواد سوداء. وعند استنشاق غبار اليورانيوم، يدمّر الرئتين من خلال التليّف، وينتقل إلى الجهاز الليمفاوي، ويسبّب لاحقاً السرطان، ليس فقط الليمفوما واللوكيميا، بل وأي سرطان تقريباً نتيجة لتوطين جسيم اليورانيوم في العضو، على سبيل المثال الثدي، الذي يحتوي على أوعية ليمفاوية واسعة. وإذا تم السعال وابتلاع الجسيم، فقد ينتهي به الأمر إلى الثبات في القولون والتسبّب في السرطان هناك.

وتشمل النتائج المترتّبة على ذلك في التجمّعات السكانية المعرّضة لليورانيوم التأثيرات الجينية، ووفيات الرضّع غير المبرّرة، والتشوّهات الخلقية، والإجهاض، واضطرابات عند الولادة، وفقدان الخصوبة، وكلّها وجدت في الدراسات الوبائية التي ساعدتُ في إجرائها في الفلوجة من عام 2010 إلى عام 2011.

هذا ليس خيالاً علمياً أو تلاعباً بالرأي. لقد عملت كشاهد خبير في قضيتين قانونيتين ناجحتين، واحدة في إنكلترا والأخرى في أستراليا، حيث خلص القاضي ومحكمة الطب الشرعي إلى أن الجسيمات تسبّبت في سرطان القولون. وأنا أساعد حالياً أحد قدامى المحاربين الأميركيين في قضيته، وهو يعاني من ورم في الغدة النخامية (الغدة الصغيرة تقع خلف الأنف حيث تستقرّ الجسيمات).

لقد بدأتُ هذا التحقيق في عام 2006 عندما ظهر مقال في إحدى الصحف اللبنانية يفيد بأن حفرة قنبلة إسرائيلية في الخيام كانت مشعّة. وقد استخدم الدكتور علي قبيسي "عدّاد جايجر" في الحفرة، ووُجد مستوى إشعاع خلفيّ في الحفرة يبلغ عشرين ضعفاً مقارنة بتربة من منطقة أخرى.

وبحلول عام 2006، أصبحت أمارس نوعاً من السلطة فيما يتعلق بأسلحة اليورانيوم المنضّب. لقد قدّمت أدلة للجنة الكونغرس الأميركي لشؤون المحاربين القدامى حول آثار اليورانيوم المنضّب ومتلازمة حرب الخليج، وقمت بزيارة العراق وأيضاً كوسوفو، وكنت عضواً في مجلس الإشراف على اليورانيوم المنضّب التابع للحكومة البريطانية؛ لقد كتبت مقالات، بما في ذلك للأمم المتحدة، وقدّمت أدلة للجمعية الملكية.

لقد طلبت من أحد زملائي أن يذهب إلى لبنان ويأخذ عيّنات من الحفرة، وكذلك فلتر هواء سيارة إسعاف. وعندما تمّ تحليلها، باستخدام طريقتين منفصلتين، أظهرت وجود اليورانيوم المخصّب وليس اليورانيوم المنضّب. وهذا مستحيل، ما لم يكن السلاح مصنوعاً من اليورانيوم المنضّب أو تم إنشاؤه من اليورانيوم المخصّب من خلال إشعاع النيوترونات من "اليورانيوم "234 و"اليورانيوم 238".

لشرح الأمر، تحتاج إلى معرفة بعض العلوم. اليورانيوم الطبيعي، كما يُستخرج من الأرض، له ثلاثة نظائرU-238 ، U-234، وU-235. 

معظم هذا اليورانيوم من حيث الكتلة هو U-238 (99.7%). 

أما نسبة 0.3% من U-235، فهي مهمة لتصنيع القنابل النووية، والطاقة النووية، ويتمّ استخراجها بطرق مختلفة لصنع اليورانيوم المخصّب (EU).

وما يتبقّى هو "اليورانيوم 238" الأقل إشعاعاً، وهذا ما يسمّى باليورانيوم المنضّب (DU).

عندما يتحلّل "اليورانيوم 238" فإنه يتحوّل إلى "الثوريوم 234" والذي يتحوّل بسرعة إلى "البروتوأكتينيوم 234" والذي يتحوّل بدوره إلى "اليورانيوم 234".

ثم تحصل على قائمة طويلة من النسل، ولكن هذه لا تهمنا. كلّ هذا يحدث بسرعة كبيرة، وتطلق العملية أشعة كبيرة تجعل اليورانيوم المنضّب يشكّل خطراً من حيث الإشعاع، على عكس تصريحات الجيش بأنّ اليورانيوم المنضّب لا يشكّل خطراً عند التعامل معه. إنه كذلك. ولكن هذا ليس مهماً في هذه القصة.

إنّ المسألة الرئيسية هنا هي: هل كان اليورانيوم المخصّب في القنبلة التي أطلقت على لبنان اكتشافاً حقيقياً وواقعياً؟ هل كان من الممكن أن يكون خطأً مختبرياً؟ الإجابة هي لا. لقد استخدمنا مختبرين مختلفين وطريقتين مختلفتين لتحليل اليورانيوم، وهما جهاز "ICPMS" وجهاز قياس "الطيف ألفا".

لقد التقط المراسل روبرت فيسك ما وجدناه، ونشر القصة في صحيفة "الإندبندنت" في تشرين الأول/أكتوبر 2006: لغز قنبلة اليورانيوم السرية لـ "إسرائيل".

وحتّى عثرنا على اليورانيوم المخصّب، كنت أركّز على التأثيرات الصحية لليورانيوم المنضّب.

وفي عام 2006، اتصل بي عالم فيزياء نووية إيطالي بارز، إيميليو ديل جيديس. التقيت به في لندن، حيث أخبرني أنّ مصدر اليورانيوم المخصّب كان سلاحاً جديداً يستخدم الهيدروجين أو الهيدروجين الثقيل، والديوتيريوم المذاب في اليورانيوم، وعندما يتمّ إطلاق هذا الرأس الحربي، الذي لا يتجاوز حجمه حجم كرة البيسبول، على جسم صلب، يتعرّض الهيدروجين للاندماج البارد لتكوين الهيليوم مع انبعاث أشعة "غامّا" gamma القوية التي تتسبّب في تحوّل اليورانيوم 238 إلى يورانيوم 239 غير مستقر يتحلّل إلى يورانيوم 235 ونيوترون.

أنا لست متخصصاً في الفيزياء النووية، رغم أنّ لدي أفكاري الخاصة حول هذا التفسير، ولكنّني في ذلك الوقت تقبّلت أنه كان يعرف ما كان يتحدّث عنه. على الأقل، كان هذا التفسير يوضح مصدر التخصيب.

في عام 2008، اتصل بي بعض الأطباء في مصر وتساءلوا عمّا إذا كان الإسرائيليون يقصفون غزة باليورانيوم المنضّب. وبصعوبة بالغة، حصلت على عيّنات من غزة، وعيّنات من التربة وفلتر هواء، وأظهر التحليل وجود اليورانيوم المنضّب. وفي عام 2010، كجزء من دراستنا للتشوّهات الخلقية في الفلوجة، قمنا بتحليل شعر الأمهات بحثاً عن 52 عنصراً لمحاولة تحديد سبب العيوب الخلقية. ووجدنا اليورانيوم المنضّب في شعر الأمهات.

وقد جاء دعم إضافي لوجود سلاح يحتويه اليورانيوم المخصّب، أو ينتجه، من دراسة أجريت على أحد قدامى المحاربين في حرب كوسوفو، حيث أجرى بعض الأطباء في ليفربول ومانشستر تحقيقات شاملة حول أمراضه الغامضة. وقد تبيّن أنّ كليتي الرجل تحتويان على يورانيوم مخصّب.

 لم يقف إميليو ديل جيديس ساكناً في التحقيق الذي أجراه شيرلوك هولمز. فقد قام برفقة مراسلين من التلفزيون الإيطالي "راي نيوز" بزيارة والد "الاندماج البارد"، البروفيسور مارتن فليشمان، الذي عملت معه أيضاً من قبل عندما كنت في جامعة "كينت" في عام 1980. وقد أضاف فليشمان إلى اللغز العلمي المحيّر، ولكنه لم يكن راغباً في التدخّل.

فقد بدا الأمر وكأنّ العلماء الذين يبحثون في "الاندماج البارد" كانوا يموتون في ظروف مريبة. ويبدو أن فليشمان نفسه قد تعرّض للتسمّم بمادة تسبّبت في إصابته بسرطان متعدّد المواقع وتوفي في الثالث من آب/أغسطس 2012. كما أصيب زميل له في مجال الاندماج البارد بالسرطان نفسه المتعدّد المواقع ولم ينجُ.

 كتب ديل جيديتشي وهو منتج في "راي نيوز" الذي تابع القصة كتاباً بعنوان "سرّ الرصاصات الثلاث"، نُشر في عام 2014. وقد ظهرتُ في الكتاب تحت أسماء مختلفة. ولكن قبل بضعة أشهر من نشره، توفي ديل جيديتشي بشكل غير متوقّع عندما كان بمفرده في منزله. وقد قيل لي إنّ محرّر "راي نيوز" المشارك في تأليف الكتاب، ماوريتسيو توريتلا، اختبأ بعد أن تلقّى ثلاث رصاصات حقيقية في مظروف.

في عام 2021، قدّمت ورقة مجلة "Nature"، نتائج تحليل 65 عيّنة من التربة والرمل والأسمنت ومواد البناء من غزة. حدّد المؤلفون بعض المستويات المرتفعة بشكل ملحوظ من اليورانيوم المخصّب في جميع العيّنات، ولكن في الغالب في عيّنات التربة. وأصبحت مستويات التخصيب أكبر من تلك التي وجدناها في دراساتنا السابقة. 

في شهر آذار/مارس من هذا العام، كتبتُ إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي الهيئة الرقابية الرسمية للأمم المتحدة على استخدام الأسلحة النووية. كما أرسل زميلي من الفلوجة، الدكتور محمد الدراجي، رسالتي باسمه. لكن لم يحدث شيء، ولم أتلقَ أيّ ردّ. وكان من المقرّر أن ينظّم الدراجي مؤتمراً صحافياً في فيينا لتسليط الضوء على استخدام هذا السلاح في الفلوجة، وتناول المستويات العالية من الإشعاع، وقد قمت بتصوير مقطع فيديو لتقديمه في هذا المؤتمر، لكنه لم يتمكّن من الحصول على مكان لتنظيم الحدث.

لقد قمت بإرسال نسخة ثانية في تموز/يوليو، طالبت فيها الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالردّ. لقد كتبت ورقة بحثية حول هذه القضية وقدّمتها إلى مجلتين، ووضعت النسخة الأولية على الإنترنت. وقد تمّ رفضها على أساس أنّ المراجعين لم يصدّقوا نتائج التحليل التي نشرتها مجلة "nature". وفي النهاية، تلقّى الدراجي رداً من الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي لم تصدّق نتائج مجلة "nature".

وطرحت عضو مجلس اللوردات البريطاني عن حزب الخضر البارونة جيني جونز سؤالاً في البرلمان البريطاني. قالت الحكومة إنّها ليس لديها ما تقوله بشأن هذا الأمر. فيما يتعلق بالمستوى المرتفع من اليورانيوم المخصّب في غزة.

هذا كلّ ما في الأمر. ماذا بوسعنا أن نفعل؟ لقد طوّرت "إسرائيل" والولايات المتحدة (على الأقل) ما يمكن اعتباره على الأرجح قنبلة نيوترونية صغيرة. وتستخدمها "إسرائيل" في غزة. وربما تستخدمها في لبنان مرة أخرى الآن. والواقع أنّ هناك أدلة تشير إلى أن تطوير مثل هذه القنبلة تمّ اختباره منذ فترة طويلة تعود إلى تشرين الأول/أكتوبر1962، في الاختبار الجوي الأخير الذي أجرته الولايات المتحدة في سلسلة "دومينيك" في المحيط الهادئ. وكان هذا الاختبار هو الاختبار المسمّى "هوساتونيك" والذي حقّق قوة تفجيرية بلغت 9.96 مليون طن متري، ولكنّ التقارير أفادت بأنه لم يكن له أي تداعيات نووية. وهذا يعني أنه لم يكن به فتيل انشطار في المرحلة الأولى، وهو شرط ضروري لجميع القنابل الهيدروجينية التي سبقته.

لقد انضممت إلى فريق مختلط من المراسلين الاستقصائيين والمعلّقين من لبنان وبعض صنّاع الأفلام للبحث عن حلّ لهذه المعضلة. ونحن نهدف إلى متابعة الأمراض الغريبة التي تظهر على أرض المعركة. ونهدف إلى البحث عن اليورانيوم المخصّب ومنتجات تنشيط النيوترون مثل الكوبالت 60 والتريتيوم والكربون 14. وفي تطوّر جديد، أغلقت جميع المختبرات التي استخدمتُها لفحص العيّنات السابقة أبوابها فجأة. فقد أغلق أحدها أبوابه بالكامل بعد التحليل الأول لغزة. وتعرّض أحدها للتهديد. ولكننا نستطيع أن نفعل الكثير بما لدينا من إمكانيات.

إنّ ما نريده هو أن يحصل الناس على عدّادات "جايجر" لفحص مواقع التأثير بعد الانفجار مباشرة، ومعرفة ما إذا كانت مشعّة، وأن يحصلوا لنا على عيّنات من الغبار والأوساخ. كما نريد عيّنات من شعر النساء، وخاصة الشعر الطويل، من مؤخّرة العنق، من النساء اللاتي كنّ بالقرب من المناطق التي تعرّضت للقصف أو كنّ يعشن فيها. ويمكنك شراء عدّاد "جايجر" بنحو 60 يورو. ويمكنك حتى الحصول على "مطياف غامّا" محمول منخفض الدقة بنحو 350 يورو.

نودّ من أيّ شخص لديه تعليقات أو معلومات أن يتصل بنا، هذا أمر مهم للغاية.

لا شكّ أنّ هذا السلاح سوف يستخدم في تبادلات مستقبليّة، وسوف يجعل الحرب النووية المحلية ممكنة.

لقد أطلقت على الجهاز اسم الزئبق الأحمر. كان الزئبق الأحمر هو الرمز الذي استخدمه ستالين لليورانيوم المخصّب. ومن الواضح أن الولايات المتحدة طوّرت هذا السلاح. ولأنه يقتل من دون أن يترك نواتج انشطارية، فهو غير مرئي لأنظمة الكشف عن الانفجارات النووية العالمية ومراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ولكن لا شكّ أنّ الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعلم بهذا الأمر. فتقريرها الأخير عن اليورانيوم في البيئة يتجاهل تماماً مسألة اليورانيوم المخصّب. وحين سألت أحد مؤلفي التقرير عن السبب وراء ذلك، أجابني أنهم لا يملكون المال الكافي، ولم يكن لديهم ما يكفي لفحص اليورانيوم المنضّب. فهل تصدّقون هذا الكلام؟

الدكتور كريستوفر باسبي

 

 

الموقف المصري تجاه قرار نتنياهو احتلال محور صلاح الدين (فيلادلفيا)

تكشف الانتقادات المصرية الحادة رغبة القاهرة في وقف الحرب، وخيبة أملها حيال فشل مساعي الوساطة من أجل وقف إطلاق النار، كما تكشف أيضاً الأهمية التي توليها مصر لمحور صلاح الدين (فيلادلفيا) ومعبر رفح.

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في مؤتمر صحفي تمسكه بعدم الانسحاب من محور صلاح الدين (فيلادلفيا)، ودعّم موقفه بقرار من المجلس الأمني السياسي (الكابينيت) بشأن الاحتلال الإسرائيلي الدائم للمحور، الأمر الذي أثار ردات فعل مصرية غاضبة، منها الاتهام الصادر عن وزارة الخارجية المصرية لنتنياهو بإفشال مساعي الوسطاء للتوصل إلى وقف إطلاق النار، وحمّلته مسؤولية التصعيد الإقليمي المتوقع، في ضوء التعنت الإسرائيلي.

اتخذت مصر منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة مواقف سياسية واضحة تجاه العدوان الإسرائيلي؛ انطلاقاً من مصالحها القومية في المقام الأول، وإدراكها المخططات الإسرائيلية تجاه قطاع غزة، بالعمل على تحويل القطاع من تهديد على الاحتلال الإسرائيلي إلى مشكلة مصرية- فلسطينية، من خلال تهجير الشعب الفلسطيني من غزة باتجاه مصر، وتقديم إغراءات للنظام المصري للتعاون مع مخطط التهجير، بيد أن الموقف المصري كان حاسماً وقاطعاً برفض مخطط التهجير، وإجهاض المساعي الإسرائيلية لتهجير مواطني قطاع غزة نحو مصر، الأمر الذي لم ينجح بسبب عاملين، الأول الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني في غزة، على الرغم من حرب الإبادة الإسرائيلية عليه، ونزوح نحو مليون فلسطيني إلى رفح على تخوم الحدود المصرية- الفلسطينية، والعامل الثاني تمسك القاهرة بموقفها الرافض لكل أشكال التهجير.

على الرغم من الموقف المصري تجاه رفض تهجير الفلسطينيين من غزة، وبسبب فشل مخطط التهجير، رفعت قوات الاحتلال الإسرائيلي من مستوى مجازرها وجرائمها في غزة، بهدف إيصال رسالة دموية أحد معالمها استبدال مخطط التهجير بمخطط حرب الإبادة، والتدمير الممنهج والشامل لغزة، وتحويل غزة إلى مكان غير صالح للحياة، ما سيجبر ما تبقى من مواطنين على الرحيل عن غزة غير الصالحة للحياة، والوجهة الرئيسية للفلسطينيين ستكون مصر وفقاً للمسعى الإسرائيلي، والهدف إحداث تغيير ديموغرافي في غزة، يترافق مع تغيير جغرافي، وفي القلب منه احتلال محور صلاح الدين  (فيلادلفيا) بما يقتطع مساحة تصل إلى 14 كيلو متراً مربعاً من قطاع غزة.

سعت مصر منذ بدء العدوان على غزة إلى استخدام الأداة الدبلوماسية الناعمة والوساطة النشطة لوقف الحرب، من دون اتخاذ خطوات دبلوماسية "خشنة" كاستدعاء السفير المصري من "تل أبيب" أو طرد السفير الإسرائيلي من القاهرة، كما لم تلجأ إلى توجيه اننقادات علنية "حادة" لحكومة نتنياهو، واكتفت ببيانات الشجب والإدانة، بيد أن القرار الإسرائيلي الأخير تجاه محور صلاح الدين (فيلادلفيا) أغضب القيادة المصرية، التي وجهت انتقادات علنية حمّلت فيها لأول مرة حكومة نتنياهو المسؤولية عن إفشال مساعي وقف إطلاق النار وإنجاز صفقة تبادل الأسرى، وتوجيه مصادر رسمية مصرية الاتهام لنتنياهو بمحاولة الهروب من فشله في غزة عبر تحميل مصر المسؤولية عن محاولات تهريب السلاح إلى غزة عبر الأنفاق، الأمر الذي لم تنفه مصر فقط، بل نفته مصادر إسرائيلية أكدت أن النظام المصري منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي تمكّن من إغلاق الأنفاق كافة.

جاء استعراض نتنياهو في المؤتمر الصحفي لما سمّاه بمخاطر تخلي حكومته عن "فيلادلفيا" وتعريضه بمصر بشكل غير مباشر بسبب رفضها احتلال المحور، السبب المباشر في رفع مستوى النقد المصري للسلوك الإسرائيلي، والذي رافقته خطوات رمزية لا تخلو من دلالات مثل الزيارة التي قام بها رئيس الأركان المصري إلى معبر رفح والحدود المصرية-الفلسطينية. 

من جهة أخرى، تكشف الانتقادات المصرية الحادة رغبة القاهرة في وقف الحرب، وخيبة أملها حيال فشل مساعي الوساطة من أجل وقف إطلاق النار، كما تكشف أيضاً الأهمية التي توليها مصر لمحور صلاح الدين (فيلادلفيا) ومعبر رفح.

إن معارضة مصر احتلال "إسرائيل" المحور، نابعة من التخوف من أن يتحوّل الاحتلال المؤقت إلى دائم، وهو ما سيقوّض مكانة مصر؛ كون الاحتلال العسكري للمحور يتعارض مع اتفاقات نزع السلاح الواردة في الملحق العسكري لاتفاقية "كامب ديفيد"، بين "إسرائيل" ومصر، والذي يحدد حجم القوات الإسرائيلية في المحور بـ4 كتائب؛ كما تسعى مصر لعودة السلطة الفلسطينية إلى معبر رفح ضمن إطار "اتفاق المعابر" عام 2005؛ إلى جانب التخوف المصري من توسع الحرب وتأثيراتها المحتملة في الداخل المصري، بما يشمل إمكانية وقوع حوادث إطلاق نار واشتباكات بين "جيش" الاحتلال الإسرائيلي وجنود الجيش المصري، كما إن مصر تأثرت اقتصادياً بسبب الحرب الطويلة، لا سيما إيرادات قناة السويس التي انخفضت إلى النصف، حسب عدد من المصادر والتقارير المصرية والأجنبية. 

كذلك يؤدي الرأي العام دوراً في الاعتبارات المصرية، إذ تتخوّف القيادة المصرية من أن تظهر كأنها تنسق خطواتها مع "إسرائيل" في كل ما يتعلق بمعبر رفح ومحور صلاح الدين (فيلادلفيا) وفقاً لتقارير إعلامية إسرائيلية موجهة استخبارياً، في ضوء زيادة الشكوك في نيات نتنياهو، والتي يمكن أن يكون أخطرها اعتزامه احتلال قطاع غزة والبقاء الدائم لقوات "الجيش" الإسرائيلي في غزة، ما سيشكل تهديداً للأمن القومي المصري.

إن الانتقادات المصرية الأخيرة للحكومة الإسرائيلية تعكس حالة الإحباط من فشل المساعي الطويلة والمضنية للتوصل إلى وقف إطلاق النار، كما تعكس تراجع فرص التوصل إلى اتفاق، وتسعى مصر إلى إيصال رسالة علنية لنتنياهو بأن صبرها بدأ ينفد، وستلجأ إلى تحميله مسؤولية فشل المفاوضات، في حال أصرّ نتنياهو على موقفه باحتلال محور صلاح الدين (فيلادلفيا)، بيد أن القاهرة لن تلجأ إلى اتخاذ مواقف صارمة من دون التنسيق مع الإدارة الأميركية، كما إنها لا تزال بعيدة عن اتخاذ خطوات ضاغطة وأكثر تأثيراً على الحكومة الإسرائيلية، وأبرزها استخدام ورقة التهديد بقطع العلاقات الدبلوماسية، أو سحب السفير المصري من "تل أبيب".

"معاريف": وقف إطلاق النار في غزة قد يكون فرصتنا الأخيرة قبل "حمسنة" الضفة

قبل أن يقدّم "الجيش" معالم واضحة لنصر في قطاع غزة، تقحمه قيادته السياسية في أتون الضفة الغربية، ليقف بين نارين، المقاومة التي لن تقبل الاعتراف بأي هزيمة أو استسلام، والمتطرفين المدعومين من وزراء في الحكومة الذين بدأوا يحضرون لإقامة مستوطنات في الضفة.

أكدت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية أنّ صفقة إعادة الأسرى، ووقف إطلاق النار في غزة، ربما تكون "فرصتنا الأخيرة لمنع رؤية أبوكاليبسية في الضفة"، داعيةً إلى هدوء في غزة يسمح بهدوء معين في الضفة الغربية.

وفي مقال نُشِر على صفحاتها اليوم، قالت الصحيفة الإسرائيلية إنّ الحرب في غزة "ترفع مستوى التصعيد في الضفة الغربية على  المستويات كافة، فعلى الجانب الفلسطيني، تتزايد الدوافع للمقاومة جنباً إلى جنب مع الزيادة في تهريب وسائل قتالية، ويتفشى عنف المستوطنين أكثر من أي وقت مضى تحت رعاية حكومة اليمين المتطرف".

وأضافت الصحيفة أنّ "الجيش" الإسرائيلي بدأ في تعزيز وجوده في الضفة الغربية "بوسائل وشدة تتأثر بشكل مباشر بالقتال في غزة"، وأصبح قتل الأبرياء أمراً روتينياً بأعداد لم يكن من الممكن تصورها قبل الحرب في غزة.

وكل ذلك، بحسب "معاريف"، في ظلّ "القمع الاقتصادي المستمر" الذي تسيطر عليه "إسرائيل" هناك منذ تشرين الأول/أكتوبر، و"الدوس السياسي للسلطة الفلسطينية، رغم أنها لا تزال الشريك الوحيد على الأرض لكبح الإرهاب".

وتشير "معاريف" إلى أنّ هذا الاتجاه "سيؤدي حتماً في مرحلة ما إلى حمسنة كاملة للضفة الغربية"، وستكون هذه "غزة ثانية".

 

وفي الوقت نفسه، تعمل حركة الاستيطان على "إعداد البنية التحتية للمستوطنات المدنية في عمق قطاع غزة قدر الإمكان". "نحن نعرف - تتابع "معاريف" - كيف تحدث هذه الأمور، لأننا رأيناها في الضفة الغربية وفي غزة قبل فك الارتباط": أولاً، كُنُس لخدمة الجيش، وبعد ذلك سيكون هناك حاخامات ومدارس دينية دائمة، ثم سيتحوّل كل هذا إلى "مستوطنات". 

وكما نقلت شاني ليتمان في صحيفة "هآرتس" في نهاية الأسبوع، عن يمينيين يستعدون للعملية: "أولاً، سيوافقون لنا على إقامة صلاة ما خلف السياج، ثم سيسمحون لنا بالبقاء هناك لفترة أطول قليلاً. ثم سيسمحون لنا بالنوم هناك ليلاً، وهكذا نأمل شيئاً فشيئاً أن نصل إلى وضع نستوطن فيه خلف السياج".

كما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر أمنية، الثلاثاء، أنّ الضفة الغربية "تحولت من قنبلة موقوتة، إلى قنبلة في طور الانفجار". 

وكشفت صحيفة "إسرائيل هيوم" أنّ أحداث الأيام الأخيرة في الضفة الغربية، "دفعت المؤسسة الأمنية والعسكرية إلى تغيير كبير في سياستها تجاهها"، بحيث سيتمّ تعريفها من الآن فصاعداً على أنّها "ساحة قتال ثانية، مباشرةً بعد غزة"، بعدما كانت تُعرّف على أنّها "ساحة قتال ثانوية منذ بداية الحرب". 

 

 

 

أكدت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية أنّ صفقة إعادة الأسرى، ووقف إطلاق النار في غزة، ربما تكون "فرصتنا الأخيرة لمنع رؤية أبوكاليبسية في الضفة"، داعيةً إلى هدوء في غزة يسمح بهدوء معين في الضفة الغربية.

وفي مقال نُشِر على صفحاتها اليوم، قالت الصحيفة الإسرائيلية إنّ الحرب في غزة "ترفع مستوى التصعيد في الضفة الغربية على  المستويات كافة، فعلى الجانب الفلسطيني، تتزايد الدوافع للمقاومة جنباً إلى جنب مع الزيادة في تهريب وسائل قتالية، ويتفشى عنف المستوطنين أكثر من أي وقت مضى تحت رعاية حكومة اليمين المتطرف".

وأضافت الصحيفة أنّ "الجيش" الإسرائيلي بدأ في تعزيز وجوده في الضفة الغربية "بوسائل وشدة تتأثر بشكل مباشر بالقتال في غزة"، وأصبح قتل الأبرياء أمراً روتينياً بأعداد لم يكن من الممكن تصورها قبل الحرب في غزة.

وكل ذلك، بحسب "معاريف"، في ظلّ "القمع الاقتصادي المستمر" الذي تسيطر عليه "إسرائيل" هناك منذ تشرين الأول/أكتوبر، و"الدوس السياسي للسلطة الفلسطينية، رغم أنها لا تزال الشريك الوحيد على الأرض لكبح الإرهاب".

دعموش: المقاومة لن تقبل بتغيير قواعد الاشتباك

 

وطنية - شدد نائب رئيس المجلس التنفيذي في "حزب الله" الشيخ علي دعموش على أنّ "المقاومة في لبنان مصممة على مواصلة جبهة الإسناد، وستكمل طريقها حتى تحقيق الأهداف، ولن يتمكن العدو من إعادة المستوطنين إلى منازلهم مهما علا الصراخ إلاّ عن طريق واحد، هو وقف العدوان على غزة".

وقال في احتفال تأبيني في مجمع الإمام المجتبى في السان تيريز: "المقاومة لن تقبل على الإطلاق بتغيير قواعد الاشتباك وكسر المعادلات القائمة، وكلما تمادى العدو في عدوانه وتوسع في اعتداءاته، كلما زادت المقاومة من ردها وتوسعت في عملياتها. والتصعيد الإسرائيلي الأخير والتهديد بالاستعداد لتحركات هجومية جديدة داخل لبنان، لن يغير موقفنا ولن يبدل معادلاتنا ولن يصرفنا عن الميدان، فالتصعيد ليس في مقابله إلا التصعيد، ونحن قوم لا نخشى التهديد ولا التهويل، لأننا أهل الفعل والعمل والجهاد والميدان والثبات، وعلى ثقة بوعد الله بالنصر، وعلى يقين بأن النصر آت بعون الله وتسديده".

وأشار إلى أن "نتنياهو عالق بين ضربات المقاومة في غزة ولبنان، وبين الضغوط والانقسامات الداخلية وصراخ المستوطنين في الشمال، وهو لا يعرف كيف يخرج من المأزق الذي يتخبط فيه، وعاجز عن تحقيق النصر الذي يريده بفعل ثبات وتكتيكات المقاومة التي أدخلت جيشه في حرب استنزاف حقيقية، والتي ما إن ينسحب من مكان في غزة إلاّ وتعود المقاومة إليه بقوة أكبر، وآخر ابتكارات وقرارات هذا الجيش المأزوم والمهزوم، هو عدم دخول الأنفاق خوفاً من قتل أسراه".

ورأى أن "الجيش الإسرائيلي العاجز والفاشل الذي لم يستطع استعادة أسراه بالقوة خلال أحد عشر شهراً، لن يتمكن من استعادتهم مهما طال أمد الحرب، إلاَ باتفاق يراعي شروط المقاومة".

وختم: "المقاومة في غزة مصممة على مواصلة حرب الاستنزاف التي تخوضها في القطاع، وعلى تصاعد عملياتها في الضفة الغربية بكل قوة وثبات، ولن يتمكن العدو من تحقيق أهدافه بإحكام السيطرة على غزة والضفة أو القضاء على فصائل المقاومة أو إنهاء القضية الفلسطينية".

 

76 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

عدد الزيارات
496585