وطنية – كتبت صحيفة "النهار": فتح توقيف حاكم مصرف لبنان سابقاً رياض سلامة تمهيداً للشروع في التحقيق معه، الباب أمام تعدد الجهات القضائية التي تساهم في تراكم الادعاءات عليه ولو أن التحقيق معه سيكون محصوراً بقاضي التحقيق الأول بلال حلاوي الذي سيشرع في هذا التحقيق مع سلامة الإثنين المقبل. ذلك أنه في اليوم الثالث لتوقيفه سارعت هيئة القضايا في وزارة العدل، ممثلةً برئيستها القاضية هيلانة اسكندر إلى الادعاء بدورها على سلامة وكل مَن يظهره التحقيق، وذلك تِبعاً لادعاء النيابة العامة المالية.
كما تحركت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، علماً انه ورغم كف يدها، لم تتوقف عن متابعة الملف وأشارت معلومات إلى أنها بادرت إلى تحديد موعد الأربعاء المقبل للتحقيق أيضاً مع سلامة خلال فترة توقيفه في ملفات عدة نظرت فيها سابقاً ضد بعض المصارف وادعت فيها على سلامة على رغم أن قرار المدعي العام التمييزي جمال الحجار لن يوافق على طلبها التحقيق مع الحاكم السابق في ظل قرار كفّ يدها عن التحقيق في الملفات الأساسية.
وفي المعلومات المتوافرة حول سير الملف الموقوف فيه سلامة أن ثمة تركيزاً على حصر الاتهام ضده بملف السمسرات البالغة قيمته 40 مليون دولار. ولهذا التركيز أسبابه باعتبار أن فتح أكثر من ملف ذات صلة بسلامة من شأنه أن يطيل المحاكمة لسنوات عديدة نظراً إلى تشعباته، فضلاً عن العراقيل التي يتوقع أن تُزج في طريقه والضغوط التي ستمارس على القضاء بسبب التدخلات السياسية نظراً إلى المخاوف القائمة لدى المتورطين من الطبقتين السياسية والمصرفية من النتائج التي ستخلص إليها التحقيقات. ولذا تتوقع مصادر قانونية مطلعة بأن يقتصر التحقيق على سلامة “من ضمن تسوية اكبر” تشكل ملفات أخرى قد تتجاوز الإطار القضائي.
وكشفت هذه المصادر أن ثمة عاملين أساسيين يرجح أنهما كانا وراء تحريك الملف وتوقيف سلامة، يتصل الأول منهما بما يرتبه التدقيق الجنائي لشركة “الفاريز أند مارسال” الذي لم يعد في الإمكان التغاضي عنه أو طمسه، كما حصل في السابق عندما امتنع وزير المال عن نشره إلا بعد ضغط إعلامي واسع. ومع تسلّم القاضي الحجار الملف، وفي ظل التنسيق مع حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري بصفته رئيس هيئة التحقيق الخاصة والذي لعب دوراً حاسماً في توفير وتقديم المستندات اللازمة إلى الحجار بما أفضى إلى توقيف سلامة، جرى التركيز على الشق المتعلق بمسألة السمسرات كونها تدين سلامة، على نحو يطوي صفحة المليارات الثمانية المسجلة في دفاتر المركزي ومسؤولية المصرف في عملية احتيالية كهذه هدفت إلى تغطية خسائر المصرف. أما السبب في طمس هذا الموضوع، فليس دفاعاً عن سلامة أو عن المتورطين معه، وإنما بسبب ارتداداته السلبية والخطيرة على لبنان وأمنه المالي.
السبب الثاني يتمثل بالتقرير المرتقب لمجموعة العمل المالي “فاتف” المتوقع نهاية الشهر الحالي، والذي يهدد بوضع لبنان على اللائحة الرمادية بسبب عدم التزامه مجموعة من المعايير المطلوبة في حين يتخلف عن كل المعايير المتصلة بعمل القضاء لملاحقة الفساد وعمليات تبييض الاموال، كما تتخلف الدولة عن اقرار القوانين الاصلاحية. ولا بد من الإشارة إلى أن وضع لبنان على اللائحة الرمادية لن يكون كغيره من الدول المدرجة على هذه اللائحة وتتمتع بهامش من الليونة، بل سيكون هناك تشدد كبير في التعاطي الدولي معه علماً أن هذا الوضع سيفاقم واقع الاقتصاد النقدي ويؤدي إلى خنق لبنان أكثر.
التنسيق الفرنسي – السعودي
في غضون ذلك، غابت التطورات البارزة داخلياً في انتظار بلورة نتائج التنسيق الفرنسي- السعودي المتجدد حيال لبنان من خلال اللقاءات التي باشر في عقدها الموفد الرئاسيّ الفرنسيّ جان إيف لودريان في المملكة العربية السعودية إذ وصل أمس إلى الرياض وبدأ لقاءاته مع المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا المكلف ملف لبنان بمشاركة السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، ويتركز البحث على الأزمة الرئاسية وسط التعقيدات التي لا تزال تعترض إنهاء الفراغ الرئاسي خصوصاً في ظل الحرب التي يشهدها الجنوب اللبناني وانعكاساتها وتداعياتها على مجمل الوضع في لبنان.
“النواب الأربعة”
وفي الداخل برز أمس أول تحرك جماعي علني يقوم به النواب الأربعة الخارجون من “التيار الوطني الحر” إلياس بو صعب وإبراهيم كنعان وسيمون أبي رميا والآن عون، إذ زاروا الديمان حيث التقوا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي. واستمرت الزيارة ساعتين ونصف الساعة تخللها غداء وصلاة ثم استكمال للبحث مع البطريرك بما وصفته مصادر المجتمعين بأنه بحث معمق في عناوين المرحلة المقبلة. وأفادت أن الهمّ المشترك بين البطريركية والنواب هو ضرورة كسر الجمود الحاصل من خلال توسعة رقعة الالتقاء على الهم الوطني.
وعلم أن تحضيرات بدأت للقاء تشاوري نيابي موسع في الأسبوعين المقبلين يضم نواباً مستقلين ومن كتل مختلفة للسعي إلى فتح أبواب الحل داخلياً حتى لا تأتي التسويات الخارجية على حساب لبنان.
وقال كنعان في بيان باسم النواب الأربعة: “لقاؤنا اليوم بداية مرحلة جديدة من عملنا السياسي نتيجة التطوّرات الأخيرة التي فرضت علينا، وهو تأكيد على عزيمتنا لمتابعة مسيرتنا وفقاً للقناعات والمبادئ والتطلّعات التي دائماً حملناها وناضلنا من أجلها وسنبقى نعمل من اجلها”.
أضاف: “كان لقاؤنا مع البطريرك حامل الهموم الوطنية والمسيحية الكبيرة لنؤسس لإطار وآلية عمل الى جانبه، لنواجه الاستحقاقات بالمرحلة الآتية”. ولفت إلى أن “حراكنا يتخطّى الاشخاص والمصالح الشخصية إلى دعوة للقاء مع الجميع حول مجموعة من الخطوات بعيداً عن كل التراكمات الماضية لأنه لا يمكن بناء مستقبل مشترك بروحية التفرقة والتشرذم والاحقاد والتخوين بين اللبنانيين والاخوة والشركاء بالوطن”.
في الجنوب
اما على الصعيد الميداني جنوباً، فأغار الطيران الحربي الإسرائيلي على أطراف بلدتي صديقين وكفرا، ما أدى إلى أضرار جسيمة في الممتلكات. وأعلنت عمليات طوارئ الصحة عن سقوط شهيد وجريح نتيجة غارة اسرائيلية على بلدة كفرا.
ونعى “الحزب” عباس أنيس أيوب من بلدة سلعا في جنوب لبنان. واغار الطيران الإسرائيلي أيضاً على أطراف بلدة عيتا الشعب بالقطاع الاوسط. كما ألقت مسيّرة إسرائيلية قنبلة حارقة على منطقة تل النحاس لجهة بلدة كفركلا. وطاول قصف مدفعي منطقة راس الظهر في ميس الجبل وتعرضت بلدة عيتا الشعب لقصف مدفعي. وأعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض مقاتلاته هدفين جويين انطلقا من لبنان، مضيفاً “هاجمنا بنية تحتية عسكرية لـ”الحزب” في منطقة قانا”.
في المقابل، أعلن “الحزب” أنه شنّ هجومًا مركبًا بسرب من المسيرات الانقضاضية وصواريخ الكاتيوشا على ثكنة راموت نفتالي وأصاب أهدافها بدقة”. كما استهدف التجهيزات التجسسية في موقع بركة وكذلك موقع حانيتا. وكان المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي أعلن أن “مقاتلات سلاح الجو قامت بمهاجمة مواقع في الجبين، زوطر الشرقية ورامية في جنوب لبنان وتم استهداف أكثر من 10 بنى تحتية عسكرية ومنصات إطلاق تابعة للحزب التي كانت تشكل تهديدًا على مواطني xxxإسرائيلxxx”.”
وطنية - رأى الأمين العام لـ "التنظيم الشعبي الناصري" النائب الدكتور أسامة سعد، في بيان ، أن "توقيف القضاء الحاكم السابق للبنك المركزي رياض سلامة خطوة مهمة لفضح الجرائم المالية التي ارتكبت من خلال حاكمية مصرف لبنان، والطرق الاحتيالية التي مورست لتحويل أموال عمومية إلى حسابات الحاكم ومقربين منه، ولإهدار أموال المودعين بالتواطؤ مع المصارف والسلطة الفاسدة".
وطالب سعد " سلامة بان تكون له الجرأة لفضح أفراد المنظومة الحاكمة التي أمعنت في سرقة الأموال العامة ، عن طريق التسهيلات التي قدمها لهؤلاء والذين أثروا من المال العام وراكموا ثروات طائلة على حساب اللبنانيين مودعين وغير مودعين، كما وأن يتجرأ على كشف سائر عمليات الهندسات المالية التي أدت إلى تعويم المصارف، المتعثرة منها وغير المتعثرة، وكشف من كان يقف وراء هذه العمليات ولمصلحة من، من كبار المسؤولين في الدولة رؤساء كانوا أو وزراء أو في أي موقع من مواقع السلطة".
ودعا القضاء "الى تأكيد استقلاليته كسلطة قائمة بذاتها، من خلال عدم الرضوخ لأي شكل من الضغوط السياسية، واطلاع الرأي العام عليها في حال حصولها، والمضي في تحقيقاته والتوسع فيها لتطال كل فاسد تطاول على المال العام وامعن في النهب وافلاس البلاد والعباد ، ووضع المواطنين في صورة المآلات التي ستنتهي إليها هذه التحقيقات، وانزال اشد العقوبات في حق المرتكبين وإصدار القرارات القضائية اللازمة باسترداد المال العام المنهوب".
ختم:"ٱن الاوان للقضاء أن يكون امل الشعب الذي يصدر الأحكام القضائية باسمه، وان يكون ملاذه الأخير وصوت العدالة الصارخ لاحقاق الحق ولإعادة الثقة بالدولة التي نتطلع إليها لتكون دولة الحق والقانون، دولة المواطنة العادلة المتساوية".
وطنية – إقليم الخروب - زار وفد من مشايخ دار إفتاء جبل لبنان، تقدمه قاضي الشرع الشيخ محمد هاني الجوزو ممثلا مفتي الجبل الشيخ الدكتور محمد علي الجوزو، وضم المشايخ أحمد علاء الدين وبلال وأبو علي ومحمد ياسين وأحمد الجنون وخالد عايشة، دير المخلص في جون، والتقى الرئيس العام للرهبانية المخلصية الأرشمندريت إنطوان ديب وعدد من الرهبان، وكان تأكيد على "أهمية التواصل والعمل على تعزيز أواصر وروابط الوحدة الوطنية والعيش المشترك، وتعزيز العلاقات الأخوية لما فيه مصلحة المنطقة والوطن" .
ديب
بداية رحّب الأرشمندريت ديب بوفد المشايخ، "في بيتهم، في دير المخلص بين أهلهم ومحبيهم"، واصفا الزيارة "باللقاء الأخوي والعائلي والوطني بكل معنى الكلمة، لا سيما في هذه الظروف الصعبة"، وشدد على "أننا في الفترات المظلمة، علينا أن نعطي الأمل للناس، خصوصا وأن الدين يستغل أحياناً من النفوس الضعيفة في غير رسالته وأغراضه ."
وقال: "لقاؤنا علامة واضحة وحسيّة أن من يؤمن بالله، لا يمكن إلا أن يلتقي بأخيه الإنسان، لأن الله يجمع ولا يفرّق، وهذا الدير في هذه المنطقة العزيزة على قلوبنا، التي هي صورة عن لبنان المصغّر، حيث تضم جميع العائلات الروحية، سيبقى دير المخلص كما كان عبر التاريخ، مقصدا ومكانا لتلاقي الجميع من مختلف طوائفهم ومذاهبهم وانتماءاتهم"، مشددا على "التمسك بالعلاقة الوجودية مع أهلنا في المنطقة".
وأكد "ان الرهبنة المخلصية ودير المخلص، هما لخدمة انساننا ومجتمعنا"، مشيرا الى أهمية التعاون الدائم مع بعضنا البعض، لنعطي شهادة ليس فقط للبنانيين، بل للإنسانية جمعاء، صورة جميلة في نموذج التنوع، ورسالة كما قال البابا القديس يوحنا بولس الثاني خلال زيارته للبنان، "ان لبنان أكبر من بلد، هو رسالة"، وهذه هي الرسالة اليوم التي تجسدونها نحن وإياكم ."
الجوزو
بدوره شكر الشيخ الجوزو باسم الوفد "هذه الرعاية الأخوية من الأرشمندريت ديب في الإستقبال، وقال: "جئنا اليوم كوفد من مشايخ دار إفتاء جبل لبنان، وبإسم المفتي محمد علي الجوزو، الذي نحمل لكم تحياته ومودته، في هذا الصرح، الذي هو أحد المكونات التاريخية في منطقتنا، لنلقتي إخوتنا الذين نعمل وإياهم في خدمة أهلنا في الجبل وفي الوطن ."
وأكد ان "التاريخ والمستقبل يجمعنا مع دير المخلص والرهبنة المخلصية، فنحن نحمل سويا رسالة ومصلحة أهلنا في الوطن، الذين تعبوا من شدة الأزمات التي تتالت على وطننا لبنان".
وشدد على ان "لدينا رسالة مشتركة كبيرة جدا، وهي رسالة الوطن والحفاظ عليه، وعلى القيم والمبادئ التي نحملها لمصلحة الإنسان ووطننا"، وأشار الى "وجود قواسم مشتركة في موضوع الأخلاقيات والمشاريع التربوية والإنسانية التي نتوحد عليها"، مؤكدا ان "الأمور التي تجمعنا أكثر بكثير من الأمور التي نختلف حولها، وهذا مدعاة إلى أن يكون التواصل ضروري بيننا، بين أهلنا وأخوتنا"، لافتا الى "ان الزيارة بداية تعاون جديد لما فيه مصلحة بلدنا وانساننا".
وشدد على "ضروة تعزيز العلاقة والتواصل بيننا والعمل معًا لمواجهة التحديات".
وفي ختام الزيارة جال الوفد في بعض اقسام الدير، مطلعا من الأرشمندريت ديب على تاريخ تأسيسه الذي يعود الى العام 1711.
استمر تحليق الطيران الاستطلاعي المعادي والمسّير طوال الليل وحتى صباح اليوم، فوق قرى القطاعين الغربي والاوسط، وصولا الى مشارف مدينة صور.
وأطلق العدو الاسرائيلي القنابل المضيئة فوق القرى الحدودية المتاخمة للخط الأزرق، كما اطلق فجرا نيران رشاشاته الثقيلة باتجاه جبلي اللبونة والعلام في القطاع الغربي.
وكان الطيران الحربي المعادي، اغار قبل منتصف الليل، على اطراف بلدتي عيتا الشعب في القطاع الاوسط ومروحين في القطاع الغربي، كما اطلقت قوات "اليونيفيل" صفارات الانذار في مراكزها في شمع اكثر من مرة.
تبدو طريق المفاوضات مسدودة، لكنْ لدى الرئيس الأميركي جو بايدن حل آخر.
مجلة "فورين بوليسي" الأميركية تنشر مقالاً للكاتب ميكي بيرغمان، الرئيس التنفيذي لمنظمة "غلوبال ريتش" التي تساعد في إعادة الأسرى الأميركيين الذين يتم اعتقالهم في دول العالم، يتحدث فيه عن النمط الذي يعتمده رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لعرقلة المفاوضات.
ويقترح الكاتب أن يقوم الرئيس الأميركي جو بايدن بالتفاوض مع حماس عبر الوسطاء للتوصل إلى اتفاق مصغّر لتحرير الأسرى الأميركيين الإسرائيليين من غزّة، الأمر الذي قد يجبر نتنياهو على القبول بالمقترح الأميركي لوقف الحرب، لما له آثار سياسية سلبية فيه، بحسب رأيه.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:
مع اقترابنا من مرور عام على أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، حان الوقت للاعتراف بأن الأساليب التي تم اعتمادها حتى الآن لإطلاق الأسرى الإسرائيليين والأميركيين في غزّة لم تنجح.
الرئيس الأميركي جو بايدن فشل في جعل الأطراف تتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، ومحاولات الإنقاذ الإسرائيلية للأسرى لم تحقق سوى نجاح محدود. كما أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لديه السلطة للموافقة على إطلاق سراحهم، ولكنه اختار مراراً وتكراراً عدم القيام بذلك.
منذ كانون الأول/ديسمبر، كان هناك اقتراح على الطاولة لتبادل الأسرى الإسرائيليين مقابل الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. يستند هذا الاقتراح إلى وقف إطلاق النار وإلى مسار محدد دبلوماسي لوقف الحرب. كانت هذه الصيغة الوحيدة التي يمكن أن تضمن عودة جميع الرهائن من غزة.
لن يوافق السنوار على التغيرات في الخطوط العريضة الأساسية للصفقة. وعلى عكس ادعاءات نتنياهو، فإنّ الضغوط العسكرية لا تنجح معه.
إنّ استمرار الحرب يزيد نزع الشرعية عن "إسرائيل" دولياً، وزعيم حركة حماس يحيى السنوار يفضّل الموت على تسليم الأسرى من دون ضمان نهاية للحرب.
من جانبه، لا يبدو نتنياهو مهتماً حقاً بصفقة الأسرى، لأنها تعرض بقاءه السياسي للخطر. وما دام هناك أسرى في غزة، فإن لديه مبرراً لمواصلة الحرب. وما دامت الحرب مستمرة، فيمكنه تأجيل المطالبات بتشكيل لجنة تحقيق، وإجراء انتخابات مبكرة، ومحاسبة سياسية أوسع نطاقاً. لقد أشرف نتنياهو على أكبر خسارة في أرواح المدنيين الإسرائيليين في يوم واحد منذ الهولوكوست، وطريقته الوحيدة للبقاء سياسياً هي إدامة الحرب. وفي حين يتظاهر نتنياهو بالولاء للأسرى، فإنّه يخرب بنشاط أي فرصة للتوصل إلى اتفاق.
وقد فعل نتنياهو هذا طيلة عملية التفاوض من خلال تقديم مطالب جديدة بشكل متكرر. وكان أحدث مثال على ذلك هو إصراره على الحفاظ على السيطرة الإسرائيلية على الحدود بين غزة ومصر، والتي تطلق عليها "إسرائيل" اسم ممر فيلادلفيا. وقال نتنياهو إنّ الاحتفاظ بالممر ضروري لمنع حماس من إعادة التسلّح، لكن يعتقد رؤساء الأمن الإسرائيليون أنفسهم أنّ من الممكن منع تدفق الأسلحة من مصر من دون الحفاظ على وجود عسكري هناك.
وأمر نتنياهو باتخاذ إجراءات عسكرية استفزازية في عدة مراحل عندما بدا أنّ المفاوضات قد تتقدم؛ ففي مطلع كانون الثاني/يناير، عندما كانت صفقة الأسرى المكوّنة من ثلاث مراحل تكتسب زخماً، أذن نتنياهو باغتيال نائب زعيم حماس صالح العاروري في بيروت، الأمر الذي أدّى إلى توقف المحادثات.
مطلع نيسان/أبريل، عندما حققت الولايات المتحدة ومصر وقطر اختراقاً في صفقة الأسرى، أسفر هجوم إسرائيلي في شمال غزة عن مقتل ثلاثة أبناء وأربعة أحفاد لرئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، وتوقفت المفاوضات. إنّ هذا النمط واضح لا لبس فيه؛ ففي عدة مناسبات خلال الأشهر القليلة الماضية، التزم نتنياهو باتفاق في اجتماعات خاصة مع بايدن أو أعضاء فريقه، لكنه سرعان ما غيّر موقفه علناً.
لقد شاركت في مفاوضات تبادل الأسرى لفترة طويلة. لذا، يمكنني أن أقول: "عندما تكون هناك فجوات بين الجانبين وتريد أن تنجح المفاوضات، فإنك تؤكد القواسم المشتركة في تصريحاتك العامة، وإذا كنت تريد فشل المفاوضات، فإنك تتحدث علناً عن الفجوات، ومن الصعب تجاهل حقيقة أنّ نتنياهو لا يتحدث إلا عن الفجوات".
من الخارج، يبدو هذا بالتأكيد كأنّه طريق مسدود، ولكن هناك طريقة أخرى.
يتعين على بايدن أن يضع جانباً، في الوقت الحالي، الجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق شامل بشأن الأسرى والتركيز على إعادة الأميركيين الأربعة المحتجزين في غزة. وتم أسر أربعة أميركيين آخرين في 7 أكتوبر، ولكن تم تأكيد مقتلهم منذ ذلك الحين. وينبغي له أن يفعل ذلك بسرعة، قبل أن يُقتَلوا أيضاً نتيجة سياسات نتنياهو الأنانية.
إنّ حماية سلامة المواطنين الأميركيين هي المسؤولية الأولى لأي رئيس أميركي. وفي محاولة التوصل إلى اتفاق أكثر محدودية، فإنّ بايدن قد يكسر الجمود ويدفع الجانبين نحو اتفاق أوسع نطاقاً.
في ما يتعلق بشروط الصفقة، قد يتساءل البيت الأبيض عما يمكن أن يقدمه لحماس في مقابل الأميركيين. بعد كل شيء، لا تستطيع الولايات المتحدة وقف الحرب، ولا يوجد لديها سجناء من حماس للإفراج عنهم، ولكن لن يكون هذا النوع من الصفقة حول ما يمكن للولايات المتحدة أن تقدمه لحماس، وبدلاً من ذلك، سيكون حول المكاسب الاستراتيجية التي يمكن لحماس تحقيقها من خلال إبرام صفقة مع الولايات المتحدة.
من وجهة نظر حماس، من المحتمل أن يؤدي الاتفاق إلى تأجيج التوترات بين "إسرائيل" والولايات المتحدة، وبالتالي تعزيز مصالح المجموعة، وسوف يظهر ذلك نتنياهو كمعرقل. جميع الأميركيين الأربعة الأسرى في غزة هم أيضاً إسرائيليون. إنّ إطلاق سراحهم من شأنه أن ينعكس بشكل سيئ على نتنياهو، ويظهر أنّ بايدن كان على استعداد لفعل المزيد من أجل الإسرائيليين أكثر من زعيمهم.
بالطبع، يمكن لمعارضي بايدن السياسيين وصم المبادرة بأنها خيانة لـ"إسرائيل" في لحظة حساسة، أي قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني/نوفمبر.
إنّ الاتفاق - أو حتى مجرد احتمال معقول لاتفاق - قد يجبر نتنياهو على قبول إطار صفقة الرهائن الأكبر. ببساطة، قد يكون من غير المجدي سياسياً بالنسبة إلى نتنياهو أن يتم تجاوزه من قبل بايدن، وأن يؤمن الأخير إطلاق سراح أسراه الأميركيين، وسيكون الضغط من الشارع الإسرائيلي هائلاً.
كان بايدن صديقًا لـ"إسرائيل" طوال حياته السياسية، وسيكون العرض العام للتوتر والخلاف خارج شخصيته، لكن صفقة منفصلة لإعادة الأسرى الأميركيين لن تقطع العلاقات مع "إسرائيل". وبدلاً من ذلك، فإنها تؤكد أنّ المصالح الأميركية لا يمكن أن تكون تابعة لمصالح قوة أجنبية، حتى لو كانت حليفة وثيقة.
نقلته إلى العربية: بتول دياب
72 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع