ماذا بعد الانتخابات الأمريكية.. تصعيد أم وقف لإطلاق النار في لبنان؟
في ظل المشهد الراهن للحرب في لبنان وقبيل الانتخابات الأمريكية، يبدو أن العدو الإسرائيلي في حاجة مُلحّة إلى وقف إطلاق النار بعد انتهاء هذه الانتخابات و اعلان نتيجتها النهائية ومهما كانت نتيجتها!
فبعد أسابيع من التصعيد العسكري، وصل العدو الاسرائيلي إلى أقصى ما يمكن تحقيقه في حملته العسكرية، إذ استنفذ بنك الأهداف العسكرية لحزب الله والمقاومة في لبنان ووصولا الى سوريا حتى باتت الضربات تستهدف المدنيين والمباني والمؤسسات الطبية والإغاثية والفرق الاسعافية. ولعل أفضل ما حققه العدو حتى الآن، من وجهة نظره، هو اغتيال القيادات وتدمير بعض مقدرات المقاومة، ونقول "بعض المقدرات" إذ انه بعد آلاف الغارات وكل الاغتيالات، المقاومة مستمرة في عملياتها ورماياتها بشكل تصاعي كماً ونوعاً وعمقاً وبوتيرة متسارعة.
ورغم ما بذله العدو الاسرائيلي من جهد لوقف إطلاق الصواريخ على شمال الأراضي المحتلة، وإطلاق المسيرات إلا أنه فشل فشلًا ذريعًا في ذلك. حتى أنه لم تتمكن من إعادة السكان الذين تهجروا، بل وسّع حزب الله دائرة الاستهداف بنار الصواريخ والمسيرات وزادت حدّة التهجير والمقاومة ماضية في ذلك وفي الزيادة في نوعية الأهداف المستهدفة وكان ذلك جليا في الأيام العشر الأخيرة.
في الميدان وعلى أرض الواقع، يبدو، لا بل حتماً، بأن قدرات العدو العسكرية عاجزة عن تحقيق أي تقدم ملموس في ظل ضربات متتالية للقوات الغازية بالتوازي مع الفشل في تحقيق أي تقدم وعلى رأي نائب حزب الله حسن فضل الله " اقصف، دمر، ادخل، تصور اهرب"، كذلك فإن رهان العدو على خلق فتنة داخلية في لبنان أو تأليب بيئة المقاومة لن ينجح وهو في غير محله لاسيما مع عدم تحقيقه أي تقدم ميداني رغم محاولات اظهار عكس ذلك إعلاميا ولكن أهل الخبرة العسكرية يعرفون أن عدم تثبيت العدو لنقاط تقدم برية يعني انه في حالة كر وفر وبالتالي لم ينجح في إيجاد موطئ قدم ثابته ، لا بل تقوم المقاومة ببتر اطراف جنود العدو المتقدمين.
ومع مرور الوقت، يبدو أن العدو يعاني من أزمة داخلية تتفاقم بسبب تأثيرات الحرب، إضافة إلى نجاح المقاومة في الصمود لا بل تحويل الكفة بين أول أيام الحرب من تفجير البايجرات والاغتيالات وكثافة الغارات والتهجير الى صمود في البر واستهدافات متسارعة وعمليات مهمة، وبالرغم من التعتيم الإعلامي للعدو على حجم الأضرار التي تلحق بالداخل المحتل عسكريًا واقتصاديًا وتعليميًا، مما يزيد من ضغط المستوطنين في الشمال لا بل في كل فلسطين المحتلة ويؤجج القلق لديهم تجاه استمرار هذه الحملة العسكرية مما سيصعد الموقف في وجه حكومة النتن نتنياهو.
أما بالنسبة للولايات المتحدة، فقد أصبحت غير قادرة على الاستمرار في تقديم الدعم المطلق لإسرائيل (الكيان المؤقت)، حيث تم اختيار الوقت المناسب لبدء حرب موسعة على لبنان قبل الانتخابات الأمريكية بنحو شهرين، اعتقادًا من المعنيين والأمنيين في الكيان وفي الولايات المتحدة أن هذه المدة كافية لتحقيق الأهداف الاستراتيجية، والتي تتضمن القضاء على المقاومة وإعادة تشكيل النظام اللبناني بما يحقق مصالح الولايات المتحدة والعدو الاسرائيلي ويضمن وصول رئيس جمهورية لبناني بنكهة مطبع وحكومة لبنانية مضمون سيرها في التطبيع. لكن حساباتهم فشلت، وهذا الخيار لم يحقق نتائجه المرجوة، مما يدفع العدو الإسرائيلي الآن إلى البحث عن حلول دبلوماسية لوقف لإطلاق النار بالرغم من كل هذه التصريحات الإعلامية والسقف العالي.
وفي النهاية كله مرهون بالميدان وبمفاجآت الميدان في كل الاتجاهات والأكيد في كل الامر أن هذا الكيان هو كيان مؤقت وأن أصحاب الأرض منتصرون بفضل التضحيات التي يبذلها المجاهدون والصامدون والنازحون والصابرون في كل الميادين والأماكن.
رئيس مجموعة البـازوريـة الإعلامـيـة، الدكتور مـهـدي عـبـد الكـريـم قـرعـونـي
224 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع